عادل الباز: قوى الميثاق… الطريق للأمام (1-2)

1امس الاول كان المشهد السياسي مثيراً، إذ تدافعت أفواج من قطاعات الحركة السياسية السودانية لتلتقي تحت خيمة واحدة.. اجتمعت بالقاهرة أطياف من الأحزاب إسلاميين ويساريين وسطيين ومنظمات المجتمع المدني والطرق الصوفية والإدارات الأهلية وشخصيات مستقلة ومنشقين سابقين وحاليين، كان مشهداً نابضاً بالحياة والحيوية والتنوع ولذا فإن الحمد لله واجب، الحمد لله الذي أخرج هذه القوى السياسية من براثن التسكع في مقاهي القاهرة إلى حيز الفعل السياسي، والحمد لله الذي وقاها شح نفسها للتواضع على رؤية وبرنامج موحد، ثم الحمد لله الذي جعل لقطاع واسع من السودانيين شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً صوتاً واحد ومغردا وفصيحا..
2
قبل مشهد الأمس أنظر للساحة السياسية التي تضج بها عشرات الأحزاب التي تجعجع بلا طحين.. ماهي تلك الأحزاب ومن هم رموزها وماهي رؤيتها وما موقفها من الحرب الدائرة، بالأمس حصلنا على إجابات هذه هي الأحزاب إذن وهاهم قادتها وهم جميعاً متفقين على رؤية (ما) وثيقة سموها (رؤية القوى السياسية والمدنية لإدارة الفترة التأسيسية الانتقالية) ومهروها بتوقيعاتهم.. لو لم يفعل مؤتمر قوى الميثاق بالأمس إلا هذا لكان جدير بالاحتفاء.
3
قبل الأمس كان الفضاء السياسي محتكرا بواسطة حلفاء الجنجويد، تضج حركتهم فى العواصم الأفريقية والعربية ولا يعرف العالم ولا الأفارقة صوتاً غير صوتهم، تنعقد مؤتمراتهم ومؤامراتهم وتنفض، لقاءات الرؤساء والسياسيين يطرحون عليهم باطلهم وإفكهم، يضج الفضاء الإعلامي بأكاذيبهم، يكاد العالم ينخدع بأن لا أحد سواهم له وزن أو قيمة سياسية، هم الصوت الوحيد المعبر عن الشعب ويكاد الإقليم والعالم يتبنى موقفهم من الحرب ويساعدهم في التحالف مع الجنجويد.
يحدث ذلك والقوى السياسية التي بينها قواسم مشتركة ومواقف تتناحر وتتعارك حول الصغائر في وطن يهوي في الهاوية وما أدراك ما هي.؟!!
الآن إذا ماقويت حركة قوى الميثاق وتصاعدت حركتها وأثبتت وجودها بالداخل بالعمل المثابر المستمر فإن العالم سيدرك أن هناك جماعات سياسية وكيانات وأحزاب هي أكثر وأشد عوداً وأكثر جماهيرا من شتات (تقدم) وهي قادرة على قيادة الحركة السياسية.. وقتها لن يدّعي أحد أن من حقه احتكار الفعل السياسي وبالتالي تشكيل مشهد الفترة الانتقالية منفرداً.
4
ماهي أهداف قوى الميثاق السوداني؟
بحسب بيانها أنها تهدف لتسوية الأزمة السياسية وإنهاء الحرب لإرساء دعائم السلام العادل والشامل والمستدام وتسوية الأزمة السودانية والاتفاق على فترة تأسيسية انتقالية لحكم البلاد، إصلاح وإعادة بناء أجهزة الدولة بالصورة التي تعكس استقلاليتها وقوميتها مع ضمان تحقيق الأمن والاستقرار اللازم للتحول للحكم المدني الديمقراطي.
كيف يمكن تحقيق تلك الأهداف..؟ يقول الميثاق
عبر التوافق الوطني بحده الأدنى… وماهو السبيل إلى التوافق ؟. عبر الحوار السوداني السوداني الشامل دون إقصاء هو الخيار الوحيد للتوافق والمصالحة الوطنية دون تدخلات خارجية سالبة.
ثم قرر الموقعون على الميثاق أن تكون الفترة الانتقالية فترة تأسيسية عبرها يتم مخاطبة جذور الأزمة السودانية عبر المؤتمر الدستوري لحسم قضايا نظام وشكل الحكم، الهوية، العقد الاجتماعي والتوافق حول دستور دائم للبلاد يتم إجازته عبر استفتاء شعبي.
5
الملاحظ في هذا الميثاق أنه أجاب برؤية واضحة على أسئلة كانت محل جدل منذ بداية الفترة الانتقالية ويطرح هذا الميثاق أفكارا لمعالجة القضايا المثيرة للجدل، مثلاً حين يتحدث الميثاق حول مبدأ الحوار السوداني السوداني.. يبرز سؤال من الذي يدعو ويدير هذا الحوار وما هي مشروعيته.؟ إذا دعت إليه وأدارته السلطة الحاكمة فهناك ظلال لمحاولة هيمنة المؤسسة العسكرية على الحوار وبالتالي مخرجاتها. إذن من يؤسس الحوار ويدعو له ويديره الآن.؟
الجواب الذي تقدم به الموقعون على الميثاق أوجد مخرجاً منطقياً وهي أن تتم الدعوة للحوار و إدارته عبر إدارة لجنة وطنية توافق عليها الأطراف. وهذا المؤتمر
(الحوار السوداني السوداني) هو السلطة التأسيسية التي تضع الترتيبات الدستورية لإدارة الفترة التأسيسية الانتقالية لمرحلة ما بعد الحرب والتحول لمسار الحكم المدني الديمقراطي.
أهم ما يميز هذا المؤتمر أنه يتم مشاركة كافة المكونات السياسية والمدنية والأهلية في كافة مراحل الحوار دون إقصاء. إذن انطوت نهائياً صفحة (ماعدا) وتقدمنا إلى أفق جديد.. وهذا الأفق لابد يشمل بالضرورة (تقدم) نفسها وهذا سيجعل مائدة المؤتمر حقيقة تتسع للجميع إلا من أبى.
6
كيف شكل الميثاق آليات الحكم من مجلس وزراء إلى مجلس تشريعي إلى مجلس سيادة.؟.
يقترح الميثاق أن يقوم مؤتمر الحوار السوداني – السوداني باختيار لجنة حكماء من إحدى عشر شخصية قومية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة والخبرة وغير منافسة على المواقع الدستورية لاختيار قائمة من ثلاثة أشخاص من ضمن ترشيحات المؤتمر لرئاسة مجلس الوزراء. تقوم لجنة الحكماء بتقديم أسماء لثلاثة مرشحين لمجلس السيادة لاختيار رئيس مجلس الوزراء من بينهم. مجلس السيادة يتشكل من خمسة أعضاء عسكريين ومدنيين أساسه القانوني في الوثيقة الدستورية.
ترى ما هو الأساس القانوني الذي يستند عليه مجلس الوزراء في ممارسة سلطاته؟
يقول الميثاق (يمارس مجلس الوزراء سلطاته وصلاحياته الدستورية والقانونية بموجب الوضع الدستوري القائم.).
حتى لا يختلط الأمر على القراء يجب أن أوضح أن بحسب رؤية قوى الميثاق يمر الوضع القانوني والدستوري بثلاث مراحل،
الأولى والتي يتم على أساسها تشكيل آليات الحكم (مجلس وزراء، مجلس تشريعي وبقية مؤسسات الدولة) هي الوثيقة الدستورية 2109.

المرحلة الثانية والتي تبدأ بعد مؤتمر الحوار السوداني- السوداني وهذه تحكم بدستور يتوافق عليه المشاركون في المؤتمر وهو الأساس الذي ستحكم به الفترة الانتقالية التأسيسية.
المرحلة الأخيرة تأتي بعد انعقاد المؤتمر الدستور التي تتطلع به حكومة الفترة الانتقالية، الذي يضع الدستور الدائم للبلاد وإجازته عبر استفتاء.
نواصل

عادل الباز

Exit mobile version