الثغور لا بد لها من مُرابط يذبُّ عنها ويدافع، والمُرابط إن كان موصولاً بصميم عمله حارساً للثغور جندياً كان أو ضابطاً أو مستنفراً إنفتح دفاعاً صريحاً ومجاهدةً في سبيل الحق حريصاً ألا تتشوه المرابطة بسلوكه ناهضاً يمثلها وتتمثل فيه، وجبت عليه مسئوليات أخلاقية يضبطها العقل وتتوب بالوحي وهو يخوض المعركة الفاصلة جائزة المدى من إبطال الباطل إلى إحقاق الحق.*
وإن إنبثت من الثغور مليشيا شرها مُطلقاً ووجهها كالحاً وطبيعتها دموية وجهلها مُركب وأفعالها مُدمرة وداعميها من الداخل والخارج إستحلوا كل الوسائل للوصول للغايات الخبيثة، فإن ردها والمُرابطة دون تمكينها من رقاب الناس وإفشال شرها وخرابها الذي استيقظت عليه يوم تمردها المشئوم، يكون بالإتحاد على ما هو جائز ومقبول فلا تكون الصدَّة مُستأصِلة لطواغيت مصنوعة إنما تتعداها إلى إعادة الإعتبار لسابق عهد الناس بنظام الحياة الكريمة.
صحيح أن تمرد المليشيا أنتج لحظة فارغة رامت إبتلاع الوطن بأسره فهل أتى هذا الشر المُطلق الذي إتخذ من المليشيا يداً باطشة ودفعها لتصويب كل هذا الأذى اللا معقول واللا محدود من فراغ؟ وهل تكفي المُرابطة بكل ما تحمل من إرادة ومقاصد نبيلة لصد أغراض المليشيا المنغمسة في المُنكر لتعطيل المواثقة وتخريب الفطرة فلا تبقى ثمة إنسانية؟
*الثابت أن المليشيا خلبتها ظاهرات الدنيا وطلبت أغراضها العاجلة فوجدت ضالتها في جهات (وجدت في المليشيا ضالتها) فاتحدت شهوة السلطة بغرور العلو في الأرض مُستولدةً الشر المُطلق، وحاز الجنجويد والجهات التي راهنت عليها ومدتها بالقدرة التقنية المُجرَدة من القيم على المشهد، فشهدنا إنطلاقة شر مُستطير همه أن يفتك بالأمم المستضعفة بغير حسيب ولا رقيب فأضحى يجرب مطلق شره وإن أدى لمحو الناس أجمعين، فهل بعد هذا أكبر خطراً وأكثر اثراً من الشر المُطلق؟
الشر المطلق الذي نواجه وداعميه من وكلاء (دول الغرب الساندة) يتطلب مُرابطة تهزم هازمه وتمحق كبريائه الذي ظهر في صورة أعمال مؤذية تتحدى العقل والإرادة كما يتطلب تحالفات مدعومة بـ (دول الشرق الصاعدة) وليس أحرى من التحالف مع هذا!*
عصام الحسين