الغُنا في بيت البِكا..
أي شاي وأي مغارب أهي المغارب التي تقطر دما؟
وأي سلام يطلع من (هناك)
ليملأ الأرض (هنا) وصاحب الحفل يتكفل بتوزيع الموت على البيوت البسيطة صباحا ومسا؟
هل يمكن للعمى أن يبلغ هذا الحد من العمى؟ فلا تعرف وجه قاتلك ولا صوته ولا وقع خطوه ولا تشتم رائحة دم أخيك في يده إذ تصافحه، ولا تسمع في ضجيج المعازف و (تصفيق الجالية) كواريك النائحات الصائحات الثاكلات المستصرخات في العشيات والضحى
بقية عزة
بقية كرامة
بقية من أن تكون (زولا ساكتا)
يسوء مواريث الأولين أن يظل (ساكتا).
قل لي بربك كيف تساق (الجالية) سوق السائمة وكيف تغني الجالية ودم المقاصل تحت أرجلها
وفي آذانها صوت النساء المروعات يستجمعن آخر ما فيهن من قدرة تكفي لنداء واحد: يا (ابو مروة.)
لكن الجالية (تجلي) في نشوة الطرب سقوطها المريع في الهاوية لأنها لا ترى.
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى.
والدنيا قبور..
ألا ترين؟
ألا ترون؟
الرصاص المغلف بالبانكنوت يفتح كل يوم قبرا لقتيل
ويأخذ طفلا من حضن أمه وأماً من حضن الحياة
لأن طقسا سلطويا قضى أن يكون النيل نهرا من دماء.
ألا ترين الدم في كل سهل وواد يسيل؟
في أطراف العمائم والشالات دم من يخبر كل من في السيرك أن الأمر بالفعل كذلك. تماما كما هي الحمرة البلهاء على الخدود والشفاه .. هل جاء في بال الرؤوس المثقلة بالوهم أن الحمرة تحيل إلى الدم وأن الدم يذكر بالدم. لا أحد سيذكر لأن شرط استمرار السيرك إمحاء الذاكرة.
ذلك وحده يجعل ممكنا أن تكون (الشوق والريد) مارشا عسكريا يشيع به الأحياء الموتى الموتى الأحياء.
السيدة صاحبة الصوت الحاد لم تكن تفرق بين الزهور و القبور..
غفر الله لك سيدي الكاشف لو أنك عرفت كيف (تخلقنت) الدنيا بعدك ما كنت صدحت.. ما كان غنيت.
فوزي بشرى