تشير تقارير إخبارية أوكرانية إلى أن عدد سكان أوكرانيا انخفض إلى 29 مليون نسمة في العام الماضي، وذلك بسبب تسجيل 187 ألف ولادة فقط، بما يشمل الأراضي المحتلة تحت سيطرة روسيا، وهو أدنى معدل سنوي مسجل في السجلات التاريخية لأكثر من 300 عام.
نقلت شبكة البلقان الإخبارية، التي تختص في شؤون أوروبا الشرقية وأوراسيا، عن صحف وطنية أوكرانية تحذيرها من أن هذا الانخفاض الكبير في معدل الولادات قد يزيد من تفاقم الأزمة السكانية الرهيبة التي تعاني منها البلاد نتيجة للاضطرابات الاقتصادية والعمليات العسكرية الروسية.
تعود جذور الأزمة الديموغرافية في أوكرانيا إلى انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، حيث انخفض عدد سكان البلاد إلى 51.9 مليون نسمة. ونتيجة للأزمات الاقتصادية وتدفق الهجرة الخارجية، انخفض معدل الخصوبة الإجمالي في البلاد إلى 1.4 مولود لكل امرأة، وهو رقم أقل بكثير من المستوى المستهدف البالغ 2.1 مولود بحلول عام 2022، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 0.7 مولود في العام التالي وفقًا لتوقعات معهد أوكرانيا للديموغرافيا والدراسات الاجتماعية.
وفقًا للتقارير الإخبارية، فإن أوروبا تواجه أزمة ديموغرافية تهدد بإعادة مستويات السكان إلى ما كانت عليه في أوائل القرن العشرين خلال العقد المقبل، حيث بلغ معدل الخصوبة في ألمانيا 1.6 في عام 2023. وقد انخفض عدد سكان أوكرانيا مقارنة ببولندا لأول مرة، حيث أظهر إحصاء إلكتروني تراجعًا بنحو 5 ملايين شخص إلى 37.289 مليون في عام 2020 مقارنة بالإحصاء السابق في عام 2000. بالمقابل، أظهرت دراسة للأمم المتحدة أن عدد السكان في آسيا الوسطى يتزايد ومن المتوقع أن يستمر في النمو خلال العقود القادمة.
ونتيجةً للرخاء النسبي الذي يتمتع به الروس بعد نهاية الركود في منتصف العقد الحالي، جنبًا إلى جنب مع السياسات الحكومية المشجعة للإنجاب، ارتفعت معدلات الخصوبة في روسيا إلى 1.8 في عام 2023، مما جعلها واحدة من أعلى المعدلات في الجزء الأوروبي من البلاد. بالمقارنة، انخفض معدل الخصوبة في منتصف العقد إلى مستوى قياسي بلغ 1.5 مولود في الولايات المتحدة. وكان حجم سكان أوكرانيا موضع تكهنات لعدة سنوات، حيث وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإجراء تعداد سكاني في عام 2020 كجزء من برنامجه الانتخابي، لكنه اختصر العملية وأجرى إحصاء سكانيا إلكترونيا في العام الماضي بدلاً من ذلك. وتقلص حجم السكان بنحو أربعة ملايين بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وعلى الرغم من تلك التحديات، يوضح المنحنى الديموغرافي أن عدد سكان أوكرانيا كان في انخفاض متواصل منذ عام 1991، وتصاعدت هذه الاتجاهات بشكل أكبر في عام 2014 عقب ثورة الكرامة. ورغم أن قرار دول الاتحاد الأوروبي بإلغاء تأشيرة السفر في عام 2017 كان خطوة تاريخية ترحيبية، إلا أنه أدى إلى تسريع تدفق العمالة إلى الخارج، مما زاد من تفاقم المشاكل الديموغرافية في أوكرانيا. وتسبب هذا التدفق في زيادة الضغط على الديناميكيات السكانية في البلاد.
وتزايد الصراعات المستمرة في البلاد أيضًا في تفاقم الأزمة، حيث يبحث الملايين عن ملجأ في الدول المجاورة. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 8 ملايين لاجئ فروا من أوكرانيا منذ الهجمات الروسية في عام 2022، حيث تعتبر روسيا الوجهة الرئيسية للجوء، حيث يطلب أكثر من 5 ملايين أوكراني اللجوء إليها للتمتع بالأمان من القصف والأعمال العسكرية.
وقد ساعد هذا النزوح أوزبكستان، التي بلغ عدد سكانها 34.9 مليون نسمة العام الماضي، على تجاوز أوكرانيا لتصبح ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في الاتحاد السوفييتي السابق منذ العام الماضي. ووفقا لدراسة أجراها معهد المستقبل الأوكراني في العام الماضي، يوجد 29 مليون شخص فقط في أوكرانيا المعاصرة، مع عدم إظهار العديد من اللاجئين في الخارج أي نية للعودة إلى ديارهم. وإلى جانب مستويات الخصوبة المنخفضة بشكل كارثي والصراع المستمر، فإن هذه العوامل لا تبشر بالخير بالنسبة للمستقبل الديموغرافي للبلاد.
بوابة روز اليوسف