نقاشات خارج الموضوع
مزايدات
و”مطاعنات” ذكورية من نساء
.
أدخلني حظي العاثر في بوست حول مؤتمر باريس. فوجدت أن صاحب البوست ومعظم المشاركين:
– مثل كثيرين وكثيرات لا يميزون بين تقديم العون الإنساني كعمل نبيل وتضامن بين البشر وبين استخدامه كغطاء لعمل سياسي يخدم مصالح القوى الكبرى من دول ومؤسسات مالية تدور في فلك الرأسمالية الغربية.
– مثل كثيرين وكثيرات أيضا لا يرون في هذه المساعدات الضئيلة العابرة شركاً يعيق التفكير في إيجاد حلول على المدى البعيد، وأولها التفكير في إنهاء الحرب والتفكير في دور القوى الكبرى في استمرارها.
في ذلك النقاش الدائري غير المثمر أدهشني تصرف سيدتين.
واحدة بادعائها أنها تعرف الوضع في السودان أفضل مني (هكذا!!!) وأن الحرب كانت تدور فوق راسها!!! في تلميح لئيم إلى أنني أعيش بعيداً عن السودان ولم تمسني هذه الحرب بضرر. وهي لا تعرف عني شيئا ولا عن مواجهتنا أنا وبناتي للموت أكثر من مرة في الأيام الأولى للحرب ولا معاناة أسرتي التي فقدت شابا وتعرضت واحدة من بناتها لبتر ساقها وتهدم واحد من بيوتها بوقوع دانة في وجود أهل البيت الذين نجوا بأعجوبة. لكن وضعنا يتضاءل أمام مآسٍ أكبر وأوضاعِ أكثر حزنا عاشتها أسر أخرى ويعيشها وطن بأكمله. وضع لا يحتمل أي نوع من المزايدات.
إلا أن ما هزني أكثر عبارة السيدة التي كتبت لي حينما احتد الاختلاف في الرأي: الله يرحم بولا ويصبر الناس على أسلوبك. لا يهمني الجزء الثاني من عبارتها، لكن أستغرب لإقحام بولا هنا. هذا الإقحام الذي ليس له في الواقع علاقة بالنقاش يعني لي واحدة من هذه الاحتمالات:
– ترك بولا امرأة انحرف تعاملها مع الناس بعد رحيله؛
– بولا كان يعيش مع امرأة غير جديرة به،
– هذه امرأة لم يصبح لها “ولي” يحوشها؛.
….إلى آخر النعوت المسيئة التي يستبطنها كلامها.
في أي عصر تعيش هذه المرأة ومن يحملن نفس الأفكار مثلها؟
هذه المرأة مؤكد أنها لا تعرفني ولا تعرف بولا. لا شخصه ولا فكره. بهذه العبارة الركيكة الفجة أساءت لبولا من حيث أرادت إساءتي. وكأن بولا عاش مع امرأة لا يعرف معدنها الحقيقي. وكأنه أمضى عمره مع امرأة غير جديرة به. إساءة دون أي استحياء ودون أي حساسية إزاء اثنين جمعهما الحب والود والرفقة الكريمة. إساءة لامرأة أستودعها رفيقها إرثه الوحيد الذي يملكه من متاع الدنيا: إنتاجه الفكري. فحفظته وحرصت على تقديمه للسودان وللإنسانية. لكنها لم تر فيها سوى امرأة ينقصها “الولي”.
ربما كنت سأغض الطرف عن هذه الإساءة لولا أنها ذكرتني بإساءة ذكورية مثلها من امرأة أخرى تنتمي لهيئة عليا من هيئات حزب يساري، كتبت لي قبل فترة في واحد من النقاشات: ما استفدتي من باريس حاجة ولا من عبد الله بولا.
أيتها القيادية، باريس استفدت منها وقدمت إليها. أما علاقتي ببولا فهي نسيج وحدها من التبادل والإثراء المشترك. نسيج فريد يستعصي عليك معرفة ثرائه وعمقه وحلو ثماره.
معتصم اقرع