استعرض عالم أحياء شهير في كتاب جديد الجهود البحثية للوصول إلى إطالة العمر أو حتى الخلود، وأشار إلى أن لذلك تكاليف اجتماعية وأخلاقية.
وخلال حوار له مع شبكة “سي.أن.أن” عرض فينكي راماكريشنان، الحائز على جائزة نوبل، كتابه الجديد بعنوان “لماذا نموت: العلم الجديد للشيخوخة والسعي إلى الخلود”. وقال إن الشيخوخة هي تراكم الأضرار الكيميائية التي تلحق بالجزيئات داخل خلايانا، مما يؤدي إلى إتلاف الخلايا نفسها، وبالتالي الأنسجة، مشيرا إلى جهود العلم الساعية لعكس ذلك.
وقال معلقا على الموضوع “من المثير للدهشة أننا نبدأ بالشيخوخة عندما نكون في الرحم، ثم تحدث الشيخوخة طوال حياتنا، الأمر مستمر منذ البداية”.
وبفعل التطورات العملية التي طرأت على قطاعات واسعة أبرزها الصحة، أصبح الإنسان يعيش ضعف ما كان عليه الحال قبل 150 عاما، وذلك بسبب زيادة المعرفة حول الأمراض وانتشارها.
يقول الرجل إن جسم الإنسان طوّر بالفعل الكثير من الآليات لتصحيح الأضرار المرتبطة بالعمر التي تلحق بالحمض النووي لدينا وأي بروتينات ذات نوعية رديئة ننتجها.
وقال “من دون تصحيح هذا النوع من المشاكل، ما كنا لنعيش أبدًا كل ما نعيشه اليوم”، ثم استدرك”ومع ذلك، مع مرور الوقت، يبدأ الضرر في تجاوز قدرتنا على الإصلاح”.
وشبّه هذا المختص الجسد بالمدينة التي تحتوي على كثير من الأنظمة التي يجب أن تعمل معًا وقال “بمجرد فشل أحد الأعضاء الحيوية لبقائنا، نموت”.
على سبيل المثال، إذا ضعفت عضلاتنا إلى درجة تجعل قلبنا يتوقف عن النبض، فلن يتمكن من ضخ الدم الذي يحمل الأكسجين والمواد الغذائية التي تحتاجها أعضاؤنا، وبالتالي سنموت. فهل لعمر الإنسان حد؟
يرى الباحث راماكريشنان أن أعمار جميع الكائنات الحية متنوعة، حيث تتراوح بين بضع ساعات أو أيام للحشرات، إلى مئات السنين لبعض الحيتان وأسماك القرش والسلاحف العملاقة.
على الرغم من اعتقاد الشخص العادي بأن جميع أشكال الحياة مبرمجة للموت عند بلوغها لعمر معين، إلا أن علماء الأحياء لا يرون الشيخوخة والموت كما هي مبرمجة.
وأشار راماكريشنان إلى أن أكبر شخص سنًا سُجل في السجلات كانت امرأة فرنسية تُدعى جين كالمينت، التي توفيت في عام 1997 وهي تبلغ من العمر 122 عامًا. ولاحظ أنها كانت تدخن خلال السنوات الخمس الأخيرة من حياتها، وكانت تتناول أكثر من رطلين من الشوكولاتة كل أسبوع.
وراماكريشنان علق على ذلك بالقول “لا أوصي بهذه الاستراتيجيات المحددة لإطالة العمر، باستثناء الشوكولاتة ربما”.
هل باتت ساعة الشيخوخة معكوسة؟
ساعة الشيخوخة تسير إلى الوراء، عبر كل جيل، وفق هذا المختص، فعلى الرغم من أن الطفل يولد من خلايا الوالدين البالغين، إلا أنه يبدأ من سن الصفر.
والطفل المولود لامرأة تبلغ من العمر 40 عامًا مثلا، لا يأتي وعمره يكبر بـ 20 عامًا عن طفل آخر مولود لأم تصغرها بعشرين عامًا؛ إذ أن كلاهما يبدأ حياته من الصفر.
وفق هذا المنطق، تعد الجينات المتوراثة من كلا الطفلين جديدة بالتالي فالشيخوخة التي بلغتها عند الوالدين تتراجع بفعل بداية الحياة الجديدة للطفل.
“لذلك، يمكن القول إن ساعة الشيخوخة تنعكس جيلا بعد جيل” وفق قوله.
مادور الاستنساخ؟
بينما كانت دوللي، أشهر الأغنام المستنسخة، مريضة وماتت في حوالي نصف عمرها الطبيعي، استمرت الأغنام المستنسخة الأخرى في العيش حياة طبيعية.
وقد أقنع هذا البعض بأن إعادة ضبط ساعة الشيخوخة يجب أن تكون ممكنة على نطاق أوسع.
وفي حين أن خداع الخلايا البالغة لتصبح جنينية وتبدأ في النمو مرة أخرى كان ناجحًا، “إلا أن الصعوبات العملية تجعل الاستنساخ غير فعال على الإطلاق”، وفق قوله.
هل هناك تكلفة للتلاعب بعملية الشيخوخة والموت؟
يكشف الباحث راماكريشنان أن النسبة العليا من الأثرياء في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعيش لفترات أطول بنحو عقد مقارنة بالفقراء.
ويشير إلى أن التفاوت بين الفقراء والأثرياء يتجلى بوضوح عند النظر إلى عدد سنوات الحياة الصحية، حيث يعيش الفقراء حياة أقصر وأكثر تدهورًا صحيًا.
الأثرياء ينفقون مبالغ ضخمة على الأبحاث، بأمل تطوير تقنيات لمنع عملية الشيخوخة. وفي حال نجاح هذه الجهود، سيستفيد الأثرياء أولاً، ثم الأشخاص الذين يمتلكون تأمينات صحية جيدة، وهكذا.
ومن المرجح أن تكون الدول الأغنى قادرة على الوصول إلى هذه الخدمات قبل الدول الفقيرة، مما يزيد من الفجوة بينها. “لذا، سواء داخل الدول أو على مستوى العالم، يمكن أن تؤدي مثل هذه التطورات إلى زيادة عدم المساواة بين الناس”.
الحرة