تقنية معلومات

ما هي “الحدائق المُسوَّرة”؟ وما علاقتها بآبل وغوغل؟

يواجه عمالقة التكنولوجيا تحديًا هائلًا يعتبر من أكبر التحديات في عقود طويلة. يسعى المشرعون على جانبي الأطلسي إلى شن حملة ضد ما يرونه تجاوزات في قوانين المنافسة. يهدفون إلى تفعيل إجراءات تجبر آبل وشركة الأم لغوغل “ألفابيت” على التفكيك، وهي خطوة قد تكون الأولى في هذا القطاع، وفقًا لرويترز.

ويشير تحليل لرويترز إلى أن هذا التحول قد يعني ملاحقة إضافية للشركتين من مشرعين حول العالم، وهذا ما يجسده ارتفاع عدد التحقيقات في عدد من الدول أعقبت قضايا قانونية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وفي أوروبا قالت “غوغل” إنها تعارض اتهامات الاتحاد الأوروبي، في حين أشارت “آبل” إلى أن الدعوى المقامة ضدها بالولايات المتحدة قائمة على أخطاء فيما يتعلق بتناولها الحقائق والقانون.

وفي عام 1984، تم تفكيك شركة “AT&T T.N” المعروفة أيضا باسم “Ma Bell” إلى سبع شركات مستقلة تحت اسم “Baby Bells” لتفتح الباب أمام واحد من أكثر الاحتكار نفوذا في القرن العشرين، وفق تعبير رويترز، فيما تبقى ثلاث شركات اليوم قائمة فقط “AT&T” و”Verizon” و”Lumen”.

ويزعم المشرعون اليوم أن شركات مثل “آبل” و”غوغل” أسست نظما بيئية حول منتجاتها لا يمكن اختراقها، ما يصعّب على المستخدمين من إحدى الشركا الانتقال إلى منافسة أخرى لها، وهو المقصود بمصطلح “الحدائق المُسوَّرة” (walled gardens).

وفي الولايات المتحدة، رفعت وزارة العدل و16 مدعيا عاما دعوى قضائية ضد أبل لانتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار. وفي أوروبا، يقال إن الشركة تواجه تحقيقات حول ما إذا كانت تلتزم بقانون الأسواق الرقمية في المنطقة.

وهبط سعر سهم الشركة بأكثر من 4%، الخميس، لتخسر أبل حوالي 115 مليار دولار من قيمتها السوقية، لتصل خسائر السهم منذ مطلع العام حتى الآن إلى ما يزيد عن 11%.

وبعدما كانت ذات يوم الشركة الأكثر قيمة في العالم بأكثر من 3 تريليونات دولار، تخلف أداء سهم الشركة عن مؤشري “ناسداك 100″ و”أس آند بي 500” (ستاندرد آند بورز) في 2024.

وهذه ليست المرة الأولى التي تخضع فيها أبل لتدقيق تنظيمي. فالشركة واجهت ونظيراتها لسنوات اتهامات بالإثراء عن طريق قمع المنافسين. ولكن مع تزايد شعبية منتجات أبل وترسيخ نفسها كجزء من حياة المستهلكين اليومية في جميع أنحاء العالم، أصبحت السلطات أيضا أكثر عدوانية وحذرا من قوتها، وفقا لبلومبيرغ.

وحذرت وزارة العدل الأميركية في دعواها، الأربعاء، “آبل” من أن قرارا بتجزئة الشركة ليس مستبعدا محل لاستعادة المنافسة، وتعاونت الوزارة مع 15v ولاية أميركية لرفع دعوى قضائية على الشركة بتهمة احتكار سوق الهواتف الذكية واستبعاد نظرائها من المنافسين وتضخيم الأسعار.

وفي كل الأحوال، رجحت رويترز أن تستغرق هذه القضية عدة سنوات، وهي قضية تعهدت “آبل” بمواجهتها.

وتتبع الدعوى الأميركية خطوات مشابهة في الاتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع”، حيث من المتوقع أن تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى مزيدا من التدقيق قريبا، ومن المرجح أن يتم التحقيق مع شركات “آبل” و”ميتا بلاتفورمز” المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب وغيرها، ألفابيت، بحثا عن انتهاكات محتملة لقانون الأسواق الرقمية “Digital Markets Act” أو ((DMA اختصارا) والتي يمكن أن تؤدي إلى غرامات باهظة وحتى أوامر بالتفكيك بسبب الانتهاكات المتكررة، وفقا لأشخاص ذوي اطلاع مباشر بالأمر، تحدثوا لرويترز بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.
ما هي الحدائق المُسوَّرة؟

يعرّف موقع “Tech Target” المتخصص بالأمن التكنولوجي وأخباره، الحديقة المُسوَّرة على الإنترنت بأنها “بيئة تتحكم في وصول المستخدم إلى المحتوى والخدمات المستندة إلى الشبكة. في الواقع، تقوم الحديقة المسورة بتوجيه تنقّل المستخدم داخل مناطق معينة لتمكين الوصول إلى مجموعة مُختارة من المواد أو منع الوصول إلى مواد أخرى”.

وينوه الموقع إلى أنه “على الرغم من أن الحديقة المُسوَّرة لا تمنع المستخدمين دائما من التنقل خارج الأسوار (أي إلى المحتوى الآخر)، إلا أنها غالبا ما تجعل الأمر أكثر صعوبة من البقاء داخل البيئة”.

وضرب الموقع الأمثلة التالية لما يعرف بـ “الحدائق المُسوَّرة”:
متاجر التطبيقات: “آبل آب ستور” و”غوغل بلاي”

ووفقا للموقع التقني، يعد متجر تطبيقات “آبل” “مثالا رئيسيا على الحديقة المُسوَّرة، وينوه إلى أنه وبينما يتميز المتجر بقدرة المستخدمين على تنزيل أكثر من 2.2 مليون تطبيق على هواتفهم الذكية وأجهزة آبل اللوحية، إلا أنه لا يمكن للمستخدمين الوصول إلى التطبيقات التي لا تلبّي معايير “آبل” التي وصفها بـ “الصارمة”.

لكنه نوه إلى أنه من وجهة نظر شركة “آبل” فإن “الحديقة المُسوّزة” تعمل على التخلص من العديد من التطبيقات التي تحتوي على أخطاء (بالبرمجة)، والتي من المحتمل أن تحتوي على برامج ضارة أو لا تلتزم بـ “إرشادات واجهة المستخدم أو تجربة المستخدم” الخاصة بالشركة.
مواقع التواصل الاجتماعي: مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر (أو إكس حاليا)

واتخذ الموقع مثالا على ذلك بإكس (تويتر سابقا) مشيرا إلى أن منصات التواصل الاجتماعي تعد مثالا جيدا آخر على الحديقة المُسوَّرة.

وذكر أنه عندما يتضمن محتوى الويب الذي تمت مشاركته على تويتر رابطا، يفتح تطبيق إكس صفحة الويب داخل التطبيق ذاته، بدلاً من فتح متصفح ويب خارجي نيابة عن المستخدم.

وأضاف “يتم ذلك إلى حد كبير بحيث لا تتاح للمستخدم مطلقا فرصة مغادرة التطبيق ومن المرجح أن يستمر في تصفح تويتر (إكس) بعد قراءة المقال. وفي المقابل، كلما طالت مدة بقاء المستخدم على منصة تويتر (إكس) المسورة، زادت الفرص المتاحة لوضع الإعلانات والمحتويات الترويجية الأخرى أمامه”.
منصات التعاون: “مايكروسوفت تيمز” و”سلاك”

وعدد موقع “Tech Target” أن منصات التعاون التي يستخدمها قطاع الأعمال لتسهيل المحادثة بين الموظفين، مثل “مايكروسوفت تيمز” و”سلاك”، تعد أمثلة على “الحدائق المُسوَّرة”.

وأوضح موقع “نورد في بي إن” أن هذه المنصات تعد أنظمة مُغلقة ولا تتيح لمستخدمي منصات التعاون الأخرى التواصل مع مستخدميها داخل بيئتها.
منصات تكنولوجيا الإعلان والتسويق: “غوغل” و”فيسبوك” و”آبل” و”أمازون”

أخيرا، تستخدم منصات الإعلان والتسويق عبر الإنترنت أحيانا نهج الحديقة المُسوَّرة لمساعدة الشركات على استهداف العملاء المحتملين، عادة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ويشير الموقع التقني إلى أن “مالك منصة التواصل الاجتماعي يستخدم البيانات التي تم جمعها من المستخدمين لتحديد تلك التي يمكن أن تكون مناسبة لمنتج أو خدمة ما. يمكن للشركات المهتمة باستهداف هؤلاء المستخدمين أن تدفع لشركة التواصل الاجتماعي لوضع إعلانات أو محتوى تسويقي آخر بشكل استراتيجي”.

ويوضح “تتمثل الفائدة التي تعود على الشركات التي تسعى للإعلان في أن شركة منصة التواصل الاجتماعي تقوم بمعظم العمل الثقيل لتحليل بيانات المستخدم للعثور على أفضل العملاء لاستهدافهم. من ناحية أخرى، يعد نهج الحديقة المُسوَّرة أمرا رائعا لشركة منصة التواصل الاجتماعي، لأنه يقضي على المنافسة الخارجية”.

الحرة