يبعد مطبخ سامح مكي الشعبي 100 متر فقط عن السوق التي يشتري منها احتياجاته، لكنه غالبا ما يحتاج إلى ساعتين للوصول إليه، محاولا تجنب النيران المتبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في صراعهما على السلطة في السودان منذ 11 شهرا.
وفي الخرطوم يتناول عشرات آلاف المواطنين يوميا أطباق أرز وفاصولياء أو عدس بفضل هذه المطابخ العامة، حسب ما أوضح لوكالة فرانس برس الكثير من المتطوعين.
ويقول برنامج الأغذية العالمي، إن “أقل من 5 بالمئة”من السودانيين يمكنهم أن “يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة”.
وفي أم درمان، ينجح مكي وآخرون أحيانا في توزيع وجبات مجانية في مسجد، لكن هذا غير ممكن في منطقة بحري، الضاحية الشمالية للخرطوم المحاصرة جراء الصراع.
ويقول أحد المتطوعين لوكالة فرانس برس، طالبا عدم الكشف عن هويته: “إننا نختبئ لتوزيع الطعام”.
وقال إن الجيش يعتبر بحري “قلعة لقوات الدعم السريع، وأن أية إمدادات غذائية تستفيد منها تلك القوات”. من ناحية أخرى، تقوم قوات الدعم السريع بمصادرة ونهب أي إمدادات تصادفها، وفق فرانس برس.
وأوضح سوداني يدعى محمود مختار للوكالة: “لا يمكننا نقل كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة، حتى لا نلفت انتباه” قوات الدعم السريع.
فقد مختار الذي لجأ إلى العاصمة المصرية القاهرة بعدما كان في صفوف المتطوعين في بلده، الكثير من رفاقه. وقال وهو يحاول تمالك دموعه: “هناك أشخاص قتلوا واغتصبوا واحتجزوا وضربوا”.
وتابع: “المطابخ العامة تتعرض للقصف من قبل الطرفين (المتحاربين).. لكن ليس أمامنا خيار، من دونها سنموت من الجوع”.
إلا أن هذه المطابخ تحتاج للاستمرار في العمل، إلى توفر مخزون من السلع. ويقول المنسق عمر: “نخشى دائما من ألا يكون لديها” هذا المخزون، مؤكدا أن المطابخ لديها عادة كميات تكفي “أسبوعين فقط، خوفا من النهب وبسبب نقص السيولة” أيضا في بلد كان التضخم فيه جامحا حتى قبل اشتعال الحرب.
وفي فبراير عندما انقطع الإنترنت، توقف التطبيق المستخدم في السودان للدفع إلكترونيا عن العمل. بعد ذلك بأسبوعين، توقفت الكثير من هذه المطاعم المجانية عن تقديم خدماتها.
وفي مارس، عاودت نصف المطابخ المغلقة العمل، لكن مع استمرار انقطاع الاتصالات في الخرطوم، يضطر المتطوعون للقيام برحلات طويلة للوصول إلى منطقة يمكنهم فيها الاتصال بالإنترنت والحصول على نقود.
ومن ثم يتعين عليهم في طريق العودة، تجنب نقاط التفتيش والرصاص المتبادل، حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بالسيولة التي بين أيديهم من أجل شراء المواد الغذائية.
ويشرف مكي الآن من القاهرة على جزء من التحويلات، بعدما اضطر للسفر لمعالجة ابنته المصابة بالسكري. وتولت والدته الستينية إدارة المطبخ الذي كان مسؤولا عنه في أم درمان.
واختتم حديثه بالقول: “لا يهم أن نُقتل أو نُضرب أو يتم اعتقالنا.. المهم هو أن يأكل الناس”.
فرانس برس