الهندي: صدمة القحاتة في تصريحات “العطا”

~ أثار حديث الفريق أول “ياسر العطا” حول استمرار الجيش في قيادة مجلس السيادة خلال الفترة الانتقالية المقبلة، هلعاً وسط قوى الحرية والتغيير، فشنت حملة منظمة ضد الفريق “العطا” ، باعتبار أن أقواله تعبير عن رغبة العسكريين الجامحة في الاستمرار في السلطة ، ومضى بعضهم بعيداً في المزاعم ، فقال “جعفر حسن” المتحدث باسم (قحت) : (لم نفاجأ بحديث الجنرال العطا ونحمد له أنه كشف السبب الرئيسي وراء هذه الحرب) !! وفي ذات الاتجاه تحدث الوزير السابق “خالد عمر – سلك” قائلاً إن تصريحات الجنرال “ياسر” تؤكد أن من أهداف الحرب قيام (سلطة عسكرية استبدادية).

~ إذن وحسب رواية (قحت) الأخيرة ، فإن الحرب أوقد نارها الجيش ليحكم “البرهان” ويقيم سلطة عسكرية استبدادية، ولم يشعلها (الكيزان) والفلول ، كما ورد في روايتهم الأولى !!
~ في رأيي أن سبب صدمة قادة (قحت) و(تقدم) من ذلك الحديث القوي المباشر الذي أطلقه مساعد القائد العام للجيش، هو أنهم مازالوا رغم الحرب وفظاعاتها وموقفهم المخزي من الجيش ودعمهم للجنجويد ، يأملون في أن يشكلوا حكومة الفترة الانتقالية التالية للحرب !! هذا ما وعدتهم به أمريكا والإمارات والاتحاد الأوروبي وما تعاهدوا عليه مع قائد التمرد “حميدتي” وأخوانه.

~ والحقيقة أن “العطا” لم يقل إن الجيش سيحكم وحده ، وأن قائده العام الفريق أول “البرهان” سيصبح حاكم عام السودان القاهر المتجبر ، في غياب حكومة مدنية مسؤولة عن السلطة التنفيذية في البلاد ، بل قال إن قائد الجيش سيكون على رأس مجلس السيادة بعد الحرب ، وأن الجيش لن يسلم السلطة السيادية إلا لحكومة منتخبة، فما الخطأ في كلامه وما الذي يستدعي كل هذه الضجة والذعر ، لو لم يكن القحاتة قد توهموا أنهم عائدون للسلطة باسم المدنيين بعد الحرب ، ليعيدوا عهد الفوضى والعبث والسيولة الأمنية والسياسية والانهيار الاقتصادي ؟!

~ لقد تأكد للشعب السوداني بعد طامة الحرب أن الجيش هو صمام أمان الدولة وعمودها الفقري ، وبالتالي لن تستقر البلاد خلال الفترة الانتقالية المقبلة إلا بوجود الجيش في السلطة السيادية ، ولكن هذا لا يعني أن تكون الحكومة عسكرية صرفة باي حال من الأحوال.
~ وإذا لم يشكل الجيش حكومة من العسكريين على مدى عام منذ اندلاع الحرب ، وقد كان مقبولاً ومعقولاً للناس إن فعل ذلك وقتها ، فما الذي يجعله يفعلها الآن أو بعد نهاية الحرب ؟!
~ لابد من وجود الجيش على رأس الدولة في حقبة ما بعد الحرب ، كما لابد من تشكيل حكومة مدنية واختيار رئيس وزراء قبل نهاية الحرب ، والمدنية لا تمثلها (قحت) ولا تعبر عنها (تقدم) ، المدنيون شعب كامل تعداده يقترب من الخمسين مليوناً.

الهندي عزالدين
الكرامة

Exit mobile version