“تنسيقية القوى الوطنية”…حاضنة للجيش أم بديل سياسي؟

المحقق – طلال اسماعيل

تباينت ردود الأفعال من القوى السياسية حول لقاء رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بوفد تنسيقية القوى الوطنية برئاسة مالك عقار إير نائب رئيس مجلس السيادة رئيس التنسيقية، وإعلانها العزم على توقيع ميثاق سياسي بين الجيش السوداني والتنسيقية.

حيث أعلن مصطفى تمبور الناطق الرسمي بإسم تنسيقية القوى الوطنية وقوف كتلته السياسية مع الحوار السوداني السوداني الذي لا يقصي أحداً، ودعمها للمقاومة الشعبية، كما أكد أنها ستوقع ميثاقاً سياسياً مع القوات المسلحة.

وتدعم تنسيقية القوى الوطنية الجيش السوداني وذلك عقب تكوينها خلال الأسبوع الماضي، وتضم حركات مسلحة موقعة على اتفاقية جوبا للسلام وقوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وفصيلاً من الجبهة الثورية وإدارات أهلية والمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة وتنسيقية شرق السودان وحزب البعث السوداني والحركة الشعبية شمال – والاتحادي الديمقراطي وكيانات أخرى.

ومن أبرز القيادات السياسية للتنسيقية التوم هجو وإشراقة سيد محمود ومصطفى تمبور والناظر محمد الأمين ترك، ومحمد سيد أحمد الجكومي وعلي خليفة عسكوري ومحمد وداعة.

وقال تمبور عقب لقاء وفد التنسيقية بالبرهان أنه تم إطلاع رئيس مجلس السيادة على نتائج المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية.

وأضاف تمبور” أن التنسيقية أكدت دعمها ومساندتها للقوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة وأن أى عملية سياسية لا تنطلق إلا بعد القضاء على المليشيا المتمردة التي تريد اختطاف البلاد وتدميرها.

وأضاف أنه تم خلال اللقاء الإتفاق على توقيع ميثاق سياسي بين القوات المسلحة وتنسيقية القوى الوطنية.

ويطرح البرهان رؤية سياسية بأن تتفق كل المجموعات السياسية على الحد الأدنى فى العمل السياسي حتي يتم تشكيل حكومة والإنطلاق لبناء السودان بعد إنتهاء الحرب، وفق بيان لمجلس السيادة.

والجمعة وصلت قيادات من تنسيقية القوى الوطنية إلى قاعدة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان وزارت مقر الإذاعة والتلفزيون ومنزل الزعيم الوطني الراحل اسماعيل الأزهري.

رفض سياسي
لكن خطوة تكوين التنسيقية وجدت رفضاً من قبل أحزاب سياسية مؤيدة للجيش السوداني أيضاً.

وتساءل القيادي بالحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية مبارك أردول:” هل هنالك مساعٍ لإنتاج اتفاق إطاري جديد”؟

وتابع :” قرأت بيان لقاء مجموعة سياسية يقودها نائب رئيس مجلس السيادة نفسه ، تكونت قبل يومين أطلقت على نفسها تنسيقية القوى الوطنية، وأقامت مؤتمراً صحفياً ومؤتمراً تأسيسياً، كنا قد علقنا بأننا غير مشاركين ، حتى الآن ليست هنالك مشكلة، وكونها تلتقي بهذه السرعة وتجلس مع رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، ايضاً ليست هنالك مشكلة كبيرة، ولكن في منتصف الحديث المنشور هنالك إشارة إلى أنهاء تسعى لتوقيع ميثاق سياسي مع القوات المسلحة”.

وأضاف :”هنا توقفت وأعدت قراءة البيان مرة أخرى، وتأملت في الصور الحاضرة ، لا أدري هل هنالك خطأ في صياغة الخبر أم هنالك اتفاق على هذه الشاكلة ومن هذا القبيل “.

وحذر أردول من إعادة تعبئة منهجية الإتفاق الإطاري – الذي قاد البلاد إلى مستنقع هذه الحرب والدمار، وفق عباراته.

وتأتي خطوة تنسيقية القوى الوطنية عقب حوار كانت أجرته الآلية الافريقية رفيعة المستوى خلال أسبوعين مع أحزاب سودانية بما فيها المؤتمر الوطني الحزب الحاكم سابقاً في عهد الرئيس عمر البشير.

وأضاف أردول:”مسألة الحوار هذه قضية أساسية واستراتيجية لايجب أن تعامل في إطار التكتيك المرحلي، وهي بسببها ظلت السياسة معوجة في بلادنا منذ الاستقلال، حيث تقوم كل مرة مجموعات سياسية تستقوى بالعسكريين بمبررات مختلفة وفي نهاية المطاف من أجل السيطرة على السلطة ودون بذل أي مجهود في التوافق بين المكونات السياسية والإجتماعية وحتى الجهوية الأخرى بل تسعى لإقصائها”.

وقال لؤي عبد المنعم أمين عام حزب المسار الوطني : “نحي جهود تنسيقية القوى الوطنية المخلصة لدعم الاستقرار و إعادة البناء، و برغم موقفها الوطني الأصيل من انقلاب المليشيا وما تبعه من جرائم و دعمها للقوات المسلحة في أرض المعركة إلا أنها ليست الممثل الوحيد للشعب السوداني لتوقع ميثاقاً منفردة مع الجيش”

وتابع :’لا يوجد أفضلية سياسية أو تمييز لفئة وطنية دون أخرى، عقب انتصار الجيش و الشروع في الإعمار لا بد من إجراء حوار وطني مفتوح لا يقصي أي طرف صفحته بيضاء و لم يتعاون مع المليشيا في جرائمها، و نتوقع من الجيش كمؤسسة مهنية قومية غير مسيسة الوقوف على مسافة واحدة من الجميع والوفاء بتعهداته بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة عقب الحرب، و رعاية الحوار الوطني المفتوح تمهيداً لعقد إنتخابات عامة في فترة لا تتجاوز الستة أشهر إذا توفر التمويل الدولي اللازم أو خلال عام واحد بالإمكانيات المتوفرة”

ويرى مراقبون أن هنالك تبايناً في وجهات النظر السياسية داخل مكونات الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية قد تفضي إلى إعادة تشكيل المشهد بالسودان من جديد.

وقال أمين أمانة الإعلام بالمؤتمر الشعبي راشد دياب للمحقق :”سعينا الأساسي و خطنا الإستراتيجي هو إرجاع السلطة إلى الشعب ليحدد بنفسه أسس و أولويات حكمه و أسبقيات سياسات و برامج اقتصاده و اجتماعه و أمنه و طرائق نهضته، الشعب هو الذى نراهن عليه للحفاظ على قيم العدالة و التعاون و نعول على استنهاضه للبناء و تحقيق الطفرات التنموية و إشعال ثورة التحديث و الابتكار و الريادة فى كل مجالات الحياة”.

وتابع :”توقيع بعض القوى السياسية لاتفاق سياسي مع الجيش لا يتماشى مع العبرة والإستفادة من أخطاء الماضي الذي يحثنا لأحداث تحول حقيقي فى فلسفة الحكم و إدارة حركة و علاقات دوائر السلطة و المال فى البلاد بعد الحرب مع إشعال ثورة ثقافية اجتماعية علمية تطبيقية على أرض الواقع ، كما يتعارض مع رؤيتنا في قيام الحكومات المجتمعية التى تعنى بالاستجابة لكل الحاجات المجتمعية و التى تقوم على الإجماع الشعبي الحر من القواعد (فى القرى و الفرقان و الأحياء إلى المحليات و الولايات “.

وأضاف:” نحن في المؤتمر الشعبي لن نساند أي رؤية يمكن أن تقود أو يمكن أن تفضي إلى دكتاتورية مدنية أو عسكرية”.

وانتقد الدكتور بحر إدريس أبو قردة، رئيس المجلس القيادي لتحالف سودان العدالة (تسع) في مقال مطول بعنوان “مهالك الإقصاء” ونشرته عدد من المواقع الصحفية الخطوة التي أقدمت عليها التنسيقية واعتبرها خطوة متعجلة تشبه ما كانت تفعله مجموعة المجلس المركزي في قوى الحرية والتغيير “قحت”، بإصرارها على الانفراد بالتحالف مع ظهير عسكري.

مستقبل غامض
وإزاء تحفظ أو رفض فصائل وقوى سياسية معتبرة بين القوى التي تقف مع القوات المسلحة في حربها للقضاء على مليشيا الدعم السريع، وعدم إتخاذ بعضها موقفاً معلناً حتى الآن، يصبح مستقبل التنسيقية الجديدة غير واضح.

وتقول مصادر سياسية داخل التنسيقية أنها حريصة على إستيعاب بقية القوى داخلها وأنها ستحرص على التواصل معها لتوضيح طبيعة الخطوة التي أقدمت عليها باعتبارها خطوة غير إقصائية، وأن ذلك قد يحفزها مجتمعة أو بعضها للإنضمام للتنسيقية في القريب، لكن ليس معروفاً بعد مدى الاستجابة التي يمكن أن تجدها هذه الخطوة.

Exit mobile version