في رمضان!.. في رمضان!

– النَّمطُ الاجتماعيُّ في شهرِ رمضانَ في البيئةِ المدنيَّةِ الحديثةِ، مُؤثِّر بصورةٍ سلبيَّةٍ على نظامِ النَّومِ والاستيقاظِ، فالتعرُّض للأضواءِ والصَّخَب في ساعاتِ المساءِ والليلِ، وثقافة التغييرِ الحادِّ والجذريِّ، في جميعِ ما ينتسبُ لهذَا الشَّهرِ من عاداتٍ، وتقاليدَ، وعباداتٍ، ومواعيدَ عملٍ ودراسةٍ، وأنواعِ أطعمةٍ ومشروباتٍ، ونمطِ نومٍ واستيقاظٍ، وإعلامٍ ومُسلسلاتٍ وبرامجَ، كلُّها مُرتبطةٌ باضطرابِ إفرازِ هرمونِ «ميلاتونين» المنظِّمِ للسَّاعةِ الحيويَّةِ للجِسمِ وغيرهِ من الهُرموناتِ الحيويَّةِ، وبهذَا يرتبطُ بشكلٍ وثيقٍ باضطراباتِ النَّومِ الموسميَّةِ وتعكِّر المِزاجَ.

– فمثلًا، ما يحدثُ خلالَ شهرِ رمضانَ مِن الإفراطِ في تناولِ أطعمةٍ ومشروباتٍ غنيَّةٍ بالسُّكَّرياتِ، ومشبَّعةٍ بالدُّهونِ، والكافيينِ، في أوقاتٍ مُحدودةٍ غيرِ تقليديَّةٍ من المساءِ وآخِر الليلِ، يتسبَّبُ عادةً في تُخمةٍ مُضاعفةٍ، واضطراباتِ هضمٍ مُزعجةٍ، وإعياءٍ وخمولٍ واختلالٍ في إفرازِ الهُرموناتِ، وعمليَّةِ التمثيلِ الغذائيِّ (الأيْض)، وبالتَّالي، زيادةِ أوزانِ كثيرٍ من النَّاسِ.

– رمضانُ فرصةٌ جيّدةٌ للنَّظرِ في تقليصِ ساعاتِ الدَّوامِ الرَّسميِّ إلى (6) ساعاتٍ يوميًّا فقطْ، واختصارِ أيَّام العملِ الأُسبوعي إلى (4) أيامٍ أسبوعيًّا فقط، من دونِ المَساسِ بالرَّاتبِ الكامِل أو البدَلاتِ، لذلكَ، أقترحُ -على سبيلِ الدِّراسةِ المبدئيَّةِ- استمرارَ الدَّوامِ الرَّسمي لمدَّة (6) ساعاتٍ يوميًّا فقط لعدَّة أشهرٍ بعدَ رمضانَ، ومتابعةَ النتائجِ الاجتماعيَّةِ والنَّفسيَّةِ والاقتصاديَّةِ بما يضمنُ جوْدةَ العملِ والأداءِ.- لطالما تفكَّرتُ في الحساسيَّةِ المُفرطةِ لبعضِ المُسلمِينَ في شهرِ رمضانَ ضدَّ مَظاهِر تناولِ الطَّعامِ والشَّرابِ خلالَ النَّهارِ، لِغيرِِ المُسلمِينَ العاملينَ معَهُم والسَّاكنينَ بينهُم في بعضِ المُجتمعاتِ العربيَّةِ المُسلمةِ، فلم أجدْ تبريرًا مُعتَبرًا مُقنِعًا. تخيَّلُوا أنَّ بعضَ النَّاسِ يشعرُونَ بأنَّ صِيامَهم للهِ قد جُرِحَ، وأنَّ مَشاعرَهم قد خُدِشتْ، وأنَّ حفيظتَهُم قد استُثيرتء، لمُجرَّد رؤيتهِم شخصًا يأكلُ أو يشربُ أمامَهم في نهارِ رمضانَ!.

– «لا أُتابعُ التلفزيونَ في رمضانَ أبدًا، كنوعٍ مِن الاحتجاجِ الصَّامتِ على سيْلِ المُسلسلاتِ المُتدفِّق الرَّهيبِ. لكنِّي أُرغَمُ في ساعةِ الإفطارِ على مُشاهدةِ رامز جلال في برنامجِهِ؛ لأنَّ الأولاد -مع كلِّ مِصر- يُشاهدونه». مِن مقالٍ مُتميِّز عن البرنامَجِ المذكورِ للكاتبِ الطَّبيب «أحمد خالد توفيق» رحمهُ الله تعالى، ينتقدُ فيه الابتذالَ والسُّخفَ والتناقضَ والبَذَخَ في بعضِ البَرامجِ والمُسلسَلاتِ.. في رمضانَ!.. في رمضانَ!.

د. أيمن بدر كريم – صحيفة المدينة

Exit mobile version