رأي ومقالات

حرب الجنجويد ويوميات البحث عن النت

داس الجندي ببوته على ظهري ووجه فوهة الكلاش على مؤخرة رأسي مهددا بتفريغ مقذوفه اذا لم التزم الهدوء . وقتها يعمل ابن جاري بكل جهد تحت تهديد السلاح على اعادة تركيب اطارات سيارتين ملكا لوالديه كانتا في قراش العمارة التي اتقاسم معهم السكن فيها ، والذان يتوجوادان وقتها في الولايات المتحدة .

تطلب الأمر أكثر من ساعة ، اكملت وقتها وانا لا ازال ممددا على بطني و خدي مصعرا على الأرض، اكملت قراءة سورة البقرة و يس و الزلزلة ، و الكثير من آيات الحفظ من الأعداء …
تنادى الاوباش لاغتصاب شقيقتي الشاب في الداخل و …

قصة طويلة و حزينة ارويها كما رواها لنا عم جمعة الذي التقيناه في رحلة البحث عن الإنترنت والاتصالات في منطقة جودة الحدودية بين السودان وجنوب السودان على بعد مائة ميل تقريبا جنوبي مدينة ربك .

عدد كبير من السودانيين يزحفون يوميا سيرا على الاقدام لقطع مسافة لا تقل عن نصف كلم هي الفاصلة بين جودة الشمالية التابعة للخرطوم و جودة الجنوبية التابعة اداريا لجوبا، هم هنا للتواصل مع أهلهم بالخارج طلبا للمصاريف التي نفدت ، أو لإدارة الأعمال التجارية الأخرى التي توقفت هي الأخرى .

اللعنات التي تصب على حميدتي و البرهان هي مفتاح أطراف الحديث بين الجميع ، الحديث الذي لا يخرج عن مجريات الحرب و معاناة سكان الولايات الوسطى من انعدام الاتصال و توقف تطبيق بنكك .

خرجت من المنزل بعد صلاة الفجر مباشرة متوجها صوب السوق الشعبي سنار و منه إلى مدينة ربك التي تعج بالحركة و الباعة المتجولين .

ساعتان هي الزمن الذي استغرقته رحلتنا من ربك إلى جودة الحدودية بالبوكس الذي يقوده شخص يظهر من خلال تعريفه لنفسه بأنه نظامي يتبع للأمن فيفسح له رجال نقاط التفتيش الطريق بدون تأخير على غرار ما يحدث للسيارات الأخرى التي يقودها المواطنين العاديين …
عبرنا نقطة التفتيش السودانية بصعوبة و بعد مشادات كلامية مع القوات النظامية التي تحرس البوابة ، فهؤلاء لا يهمهم سوى إيجاد المال من المواطنين و العابرين، عندما قلت له انني ذاهب إلى جودة للاتصال طلب مني ابراز بطاقتي الشخصية ، و أمرني بتركها معه و أخذها عندما أعود الا انني رفضت ذلك بتاتا . و سألته إن كان يسمح لأي شخص بالاحتفاظ ببطاقته الشخصية !! . بعد مشادة كلامية طويلة أعاد الي البطاقة و سمح لي بالعبور بعد ان احس ان مشادتي معه شدت انتباه العابرين الآخرين الذين ينتظرون دورهم …

معاملة القوات النظامية للمواطنين و غيرهم في نقطة جودة تتسم بالجلافة و الابتزاز لأخذ الأموال منهم بحجة خدمات المكتب التي رفضت دفعها …
مررنا بوابة جودة الجنوبية بكل سلاسة و بدون تأخير أو استفزاز يذكر .

مباشرة ذهبت الى مكان الاتصال الذي يوجد فيه جهاز واي فاي يسع لمائة شخص كلهم تقريبا كانوا من السودانيين ، وصلت إلى شباك الكشك الصغير بصعوبة بالغة بسبب الزحام ، أجريت اتصالاتي و تابعت أعمالي التي أتيت من أجلها خلال ساعتين …

و لأنني اتابع أمر ضروري يحتم علي الاتصال بالإنترنت لعدة ايام ، كان لابد أن ابحث عن فندق أقيم فيه ، لكن المنطقة الصغيرة التي تفتقد للخدمات الأساسية ليس بها سوى لوكاندة صغيرة ، غرفتان بطول ٦ أمتار و عرض ثلاث ، مجهزة بالكامل من الحصير بها أسِرة حديدة مختلفة الأشكال و الاحجام و مراتب قطنية ، لكن على اي حال هي أفضل بكثير من اللوكاندة التي رأيتها في الجانب السوداني . للأسف نحن كشعب نفتقد ثقافة الاستثمار في الفندقة و أماكن الضيافة . ففي شرق أفريقيا يستحيل ان تجد فندق أو لوج بدون خدمات الحمامات و التواليت مهما كان بعد القرية أو المنطقة عن عاصمة البلاد . هذا لا يحدث الا في السودانين الشمالي و الجنوبي …

على كلٍ دفعت ثلاث الف جنيه هي قيمة السرير لليلة واحدة و عليٌ تجديدها كل يوم اواصل فيه الإقامة …
نواصل …
سالم الأمين