انقطاع الإنترنت يغير حياة السودانيين وStarlink بديل رغم الحظر

غيّر انقطاع خدمات الإنترنت لأكثر من أسبوعين حياة ملايين السودانيين في جميع أنحاء البلد مترامي الأطراف الذي تمزقه الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.

وأدى انقطاع خدمة الإنترنت والاتصالات بعد أن خرجت الشركات الثلاث التي توفرها عن الخدمة في معظم أرجاء البلاد، إلى توقف خدمات التحويلات المالية التي تعتمد على التطبيقات الإلكترونية للبنوك التي تعطلت معظم فروعها في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة المجاورة وجزء كبير من ولايات إقليم دارفور غربي البلاد، ما فاقم من معاناة السكان حتى في المناطق الآمنة التي لم تصلها الحرب بعد.

ومنذ 4 فبراير الجاري، انقطعت خدمة الاتصالات عن جميع أنحاء السودان، وتلقى المشتركون بيانات منفصلة من 3 شركات تعمل في مجال الاتصالات والإنترنت تعتذر فيها عن انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات لظروف خارجة عن إرادتها.

واتهمت هيئة تنظيم الاتصالات الحكومية السودانية، قوات الدعم السريع بإغلاق مشغلات الاتصالات والإنترنت في العاصمة الخرطوم ومدينة ود مدني بولاية الجزيرة تحت تهديد السلاح.
نفاد المؤن والنقود

وقال مهند وهو أحد السودانيين المتأثرين بانقطاع الاتصالات لـ”الشرق”، إن المؤن والنقود نفدت بعد تعطل التطبيقات البنكية، لافتاً كذلك إلى أن “التجار لا يقبلون إلا الدفع نقداً في ظل انقطاع خدمة الإنترنت”.

وأضاف مهند الذي تحرك بسيارته من إحدى قرى ولاية الجزيرة وسط البلاد باتجاه مدينة القضارف المجاورة شرقي السودان: “أحمل معي ورقة فيها مجموعة وصايا لأكثر من 20 أسرة، منهم من يريد طمأنة أهله داخل السودان أو خارجه، ومنهم من يريد تحويل مبلغ مالي لاستلامه نقداً”.

ولفت إلى أنه جاء للقضارف لـ”الحديث مع شقيقي خارج السودان لتحويل مبلغ مالي وصرفه نقداً لأعود به لقريتنا حتى نتمكن من شراء احتياجات للأسرة”.
Starlink بديل رغم الحظر

وفتح انقطاع الاتصالات، في ظل الحرب الدائرة منذ أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع، الباب نحو خيارات بديلة أولها خدمة الإنترنت الفضائي “Starlink” التي تُقدمها شركة “SpaceX” المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك.

وكانت هيئة تنظيم الاتصالات حظرت أواخر العام الماضي، استيراد أجهزة الإنترنت الفضائي إلا بإذن منها، إلا أنه من الملاحظ تساهل السلطات في مصادرة هذه الأجهزة عقب ظهور أزمة الاتصالات والإنترنت في بداية الشهر الجاري.

مع طول انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات وعدم عودتها حتى الآن في ولايات الجزيرة ,سنار ,النيل الأبيض وإقليم كردفان ودارفور، ازدهرت تجارة جديدة وهي بيع أجهزة الإنترنت الفضائي.

وفي بورتسودان شرقي السودان، وتوقف التاجر حسين، الذي فضل الاكتفاء باسمه الأول فقط، عن بيع أجهزة “Starlink” وذلك بسبب عودة خدمة الإنترنت والاتصالات للمدينة، بعد أن وصل سعر الجهاز الواحد لنحو 3 آلاف دولار، لكنه انخفض إلى 2000 دولار مع تراجع نسبة الإقبال عليه.

وفي الخرطوم والتي تعد السوق الأعلى سعراً، قال حافظ وهو يعمل متعاوناً مع بعض تجار هذه الأجهزة: إن “التجار هنا يتبعون لقوات لدعم السريع وأنا أعلم ذلك حيث يقومون بتوفير أجهزة (Starlink)”.

ولفت حافظ لـ”الشرق”، إلى أن “سعر الجهاز الواحد وصل في العاصمة إلى 4 آلاف دولار، وذلك بسبب قلة كميات الأجهزة التي تصل في ظل الظروف الأمنية”.

ويقوم بعض المشترين لهذه الأجهزة بتأجيرها للمواطنين بقيمة 3 دولارات للساعة الواحدة، بعدها يغادر صاحب الجهاز إلى مكان آخر وذلك حسب قدرته على الحركة. وبحسب مواطنون، ينتشر التجار بصورة أكبر في مناطق سيطرة الدعم السريع في شرق وجنوب العاصمة الخرطوم.

لكن الوضع يختلف في غرب وجنوب دارفور، حيث تأثرت خدمة الإنترنت بشكل كبير منذ بداية الصراع، وذلك بسبب الاشتباكات التي أدت إلى تلف كبير في البنية التحتية لشركات الاتصالات، مما تسبب بحجب الخدمة جزئياً.

وعرف إقليم دارفور الإنترنت الفضائي منذ أشهر ولكن على استيحاء، وذلك عكس الوضع الحالي حيث تباع أجهزة الإنترنت الفضائي بصورة علنية وفي مناطق عدة.

وتقل أسعار الأجهزة عن بقية الأقاليم بسبب دخولها عن طريق التهريب نسبة لضعف المراقبة في الحدود مع تشاد وجنوب السودان وغيرها من الدول منذ اندلاع الحرب.

وقال حسن عبدالله وهو من سكان شرق دارفور لـ”الشرق”، إن “الساعة تتراوح ما بين الدولار ونصف الدولار إلى دولارين، لكن هذه الوسيلة الوحيدة لتواصلنا مع أهلنا وأدعو الشركات إلى ضرورة استئناف الاتصالات نسبة لما يسببه انقطاعها من مشاكل تضر بالمواطن”.

وأشار عدي محمد من مدينة الضعين لـ”الشرق”، إلى أنهم “منقطعون تماماً عن العالم الخارجي، وأن هناك صعوبة في التواصل مع أهلهم داخل الولاية ناهيك عن بقية أجزاء السودان”.

وتتركز تجارة الإنترنت الفضائي في عواصم ولايات إقليم دارفور، لكنها تندر في بقية المدن، فيما تعتبر ولايات الجزيرة وسنار وسط السودان الأقل حظاً في الحصول على هذه الخدمة، إلى جانب كردفان والنيل الأزرق.

أحمد العربي – الشرق للأخبار

Exit mobile version