عند إندلاع الحرب صبيحة 15 ابريل إستفادت مليشيا الجنجويد من التفوق العددي الهائل في إحداث زخم هجومي متزامن على كافة المناطق و القواعد العسكرية للقوات المسلحة و إحداث نصر سريع لكن الخطة لبساطتها الشديدة و همجيتها لم يكتب لها سوى نجاح محدود جداً و بعد نجاح القوات المسلحة في إمتصاص الهجوم في 48-72 ساعة الأولى من الحرب تحولت المليشيا لتكتيك مغاير و هو الإنتشار و التمدد و إحتلال أحياء مدن العاصمة الثلاث و تطويق كل المناطق العسكرية عبر الأحياء المحيطة بقوات كثيفة لإبقائها في حالة دفاعية و جرها لحرب عصابات يعقبها هجمات تنطلق من الأحياء المحيطة تستمر 3-5 أيام و الأهم طبعاً في الخطة أن التمدد في الأحياء المحيطة يدخل المناطق العسكرية للقوات المسلحة في حصار و يقطع خطوط إمدادها و خطوط اتصال المناطق العسكرية ببعضها البعض.
دخلت القوات المسلحة حرب إستنزاف بطيئة للدفاع عن قواعدها العسكرية في ظروف حرب مدن بالغة في التعقيد فالقواعد في حالة تأهب دفاعي مستمر بدون انقطاع لصد هجمات لا تتوقف لقوات قوامها يقارب 100 ألف فرد مقاتل و في نفس الوقت تمدد المليشيا يقطع معظم خطوط اتصال القواعد ببعضها (الإشارة/الكدرو/حطاب/العيلفون) (القيادة/المدرعات/جبل أولياء) (المهندسين/وادي سيدنا كرري) و الخطوط التي تتصل بها القواعد ببعضها البعض إما مؤقتة أو ذات عرض مساحة سيطرة ضيقة مما يجعلها عرضة للكمائن و يعقد و يحد أي قدرة للقوات المسلحة على المناورة.
محصلة هذا الوضع الصعب و المقعد ان القواعد العسكرية من الصعب عليها الإنتقال من المربع الدفاعي عن القاعدة الذي في طبيعته عبارة عن حرب مدن أساسها الكر و الفر و الكمائن و الهجمات الخاطفة المتبادلة على مناطق تمركز العدو في الأحياء المحيطة للقاعدة و الإنتقال الى مربع الهجوم الكلي لتحرير و السيطرة على الأرض و هذا الإنتقال لم تنجح فيه إلا منطقة وادي سيدنا-كرري العسكرية فكما شرحت من قبل هذه المنطقة هي رمح القوات المسلحة تحمل نخبة قواتها القتالية من القوات المحمولة جواً بكل قواتها الخاصة و قوات هيئة العمليات و هي أكثر القوات قدرة على خوض حرب المدن فنجحت في كسر القوة و القدرة الهجومية للعدو في كافة المناطق المحيطة و التحول لحالة هجومية لكسر العدو المدافع عن الأحياء و التمدد بصورة مستمرة مع السيطرة على الأرض في نهاية الأمر و هو جهد جبار و مذهل استلزم إبقاء هذه القوة مع المستنفرين هناك في حالة قتالية و هجومية مستمرة لشهور دون أدنى توقف في مساحة حرب مدن شرسة عرضها يفوق 10 كيلومتر فنجحت هذه القوات في السيطرة و تحرير اغلب مساحة امدرمان.
🔵 الخطوط الزرقاء المساحة التقريبية التي سيطرت عليها قوات وادي سيدنا-كرري العسكرية حتى الأن.
نجاح وادي سيدنا في ربط رأس جسر مع المهندسين لا يعني فقط تأمين إرسال الإمداد و الذخيرة للمهندسين بل الأمر يفوق ذلك لأمر مهم للغاية و هو انتقال سريع للمهندسين من الوضع الدفاعي و تحولها لكونها رأس الحربة الهجومية مستقبلاً كإمتداد من وادي سيدنا للضغط و دفع العدو في غرب أمدرمان ما تبقى من أمبدات و دار السلام و الأهم طبعاً دفع العدو جنوب امدرمان من الفتيحاب وصولاً إلى الصالحة و إكمال السيطرة على امدرمان كمرحلة ثانية و الثالثة ستكون التحول إتجاه الخرطوم للوصول للقيادة العامة و المدرعات و سلاح الإشارة في بحري باقي المناطق لتنتقل كل منطقة من حالتها الدفاعية المستميتة إلى وضع هجومي كامل للسيطرة على الأرض.
🟢 الأسهم الخضراء المساحات التي ستدفع فيها وادي سيدنا و المهندسين قوات العدو.
قبل ذلك هناك أيضاً أمر مهم للغاية بإتصال رأس الجسر بالمهندسين و هو ان هذا الإتصال قطع خط امداد عن ما تبقى من جيوب العدو المتخندقة في أحياء امدرمان القديمة بما فيها منطقة الإذاعة و حصار هذه القوة حصار خانق لا مفر منه البتة فوادي سيدنا و المهندسين أمامي و البحر خلفي (حرفياً) فيكفي إبقاء هذه القوة في حالة حصار و الإكتفاء بإشغالهم بقوات إلهاء صغيرة و دفع الجهود اتجاه جنوب و غرب امدرمان بعد توسيع عرض رأس جسر الإتصال مع المهندسين لعدة كيلومترات بعدها لا يوجد أي أمل لإنقاذ هذه القوة المحاصرة في امدرمان القديمة من الهلاك المحتوم.
🔴 الخطوط الحمراء المساحة التقريبية لجيوب ما تبقى من مليشيا آل دقلو في امدرمان القديمة.
إكتمال ربط رأس الجسر مع المهندسين يعني أن القوات المسلحة أنجزت أغلب مهمة تحرير أمدرمان و هو الأمر الكبير و التحول الكبير و المهم الذي ظللنا نبشر به من فترة و هو حدث رئيسي بإذن الله سيستمر بعده مسار تحرير الخرطوم بمتوالية أسرع فإكتمال ربط القواعد يعني قطع أوصال العدو.
القوات المسلحة تدير معركتها و هي تخاطر يومياً بأرواح عشرات الألوف من جنودها كل هجوم كل اشتباك حياة خيرة أبناء الوطن على المحك و لك ان تتذكر فقط نوع الأشخاص الذين استشهدوا حتى اللحظة فلا مجال لإستعجال النتائج و لا مجال لإتباع أفكار هجوم عبثية مصدرها الفيسبوك.
نصر من الله و فتح قريب
صالح عبد الرحمن