منذ عدة سنوات دعت مستشارة الرئيس للأمن القومى السفيرة فايزة أبوالنجا مجموعة من الشخصيات لمناقشة التحديات التى تواجه الأمن القومى المصرى، وكان ثمة اتجاه غالب يرى ضرورة تحسين علاقاتنا مع إيران، وعندما جاء دورى في الحديث قلت أنا لا أطالب فقط بتطبيع علاقاتنا مع إيران، وإنما أيضا مع تركيا.. وقد فاجأ كلامى هذا كثيرا من الحضور، وربما صدم البعض، لأن عنوان علاقاتنا مع تركيا وقتها كانت القطيعة والتوتر والصدام.
ولكن ها هو الذى تحدثت عنه قبل سنوات يتحقق ونستقبل الرئيس التركى أردوغان بالقاهرة الذى حرص على أن يشكرها على حسن وكرم الضيافة، ويتحدث في المؤتمر الصحفى مع الرئيس السيسي على ترقية العلاقات بين البلدين إلى المستوى الاستراتيجى بتشكيل مجلس استراتيجى يعقد أولى جلساته في شهر أبريل المقبل بأنقرة خلال زيارة الرئيس السيسى لها تلبية لدعوة الرئيس التركى، مع زيادة التبادل التجارى بين البلدين إلى 15 مليار دولار، وزيادة أيضا الاستثمارات التركية في مصر.
أى أن ما كان مستحيلا في نظر البعض قبل سنوات تحقق الآن في مستهل عام 2024 بعد رحلة عصيبة مرت بها العلاقات المصرية التركية.. ولاشك أن ذلك تحقق بفضل النهج المصرى في إدارة السياسة الخارجية، وحرصها على ترك الباب مفتوحا دوما للتعاون مع الجميع.
ورغم اختلافات المصالح والمقاصد والدوافع، فإن مصر لا تسعى لتصعيد الصدامات وتوسيع الخلافات وزيادة التباعد، وتمد يدها للجميع للتعاون في المساحات المشتركة من المصالح والتوافق في الرؤى والمواقف.. وهذا ما يمكن وصفه بالحكمة في إدارة السياسة الخارجية وعدم المغامرة أو التهور، مع التمسك بالمصالح الأساسية للبلاد وعدم التفريط فيها عندما يقتضى الأمر.
بقى القول إن مصر عندما تمد يدها للجميع للتعاون فإنها لا تقيم علاقاتها مع أحد على حساب آخرين، ولا تقايض علاقاتها بدولة بعلاقاتها مع دولة أخرى.
عبدالقادر شهيب – بوابة فيتو