السوداني جيد في علوم الكمبيوتر والبرمجيات …
السوداني جيد في التفكير والعمل الفردي …
ما دعاني لهذه التأملات خبر وصورة فريق الشباب من سوداني الذين نجحوا في إعادة شبكة سوداني للعمل.
الحقيقة أنه نجاح إداري وتقني معا ، فقد أوضح لنا الفيديو الرسمي للمدير التنفيذي لسوداتل أن القرار بإنشاء مقسم مستقل في بورتسودان كان قد أتخذ منذ بداية الحرب فكان دور فريق الشباب التسارع Acceleration في إكمال مشروع كان قد بدأ مبكرا بقرار إداري إستباقي.
هل تصدق إذا قلت لك أن فشل السودانيين في العمل الجماعي هي الوجه المقابل لإجادتهم في العمل الفردي والإبتكار ؟
يبدو ذلك غريبا ومتناقضا ولكنها تبدو لي منطقية جدا.
ففي بداية الثمانينات لمعت في عالم صناعات الكمبيوتر أسماء مثل آي بي إم IMB وكومودور Comodore ، أين هم الآن في خضم أسماء مثل إتش بي HP وهيتاشي HITACHI وتوشيبا TOCHIBA ولينوفو Lenovo وهلمجرا ؟
في بداية الثمانينات كانت دعايات كمبيوتر إسمه كومودور تنتشر معلنة عن الموديل الجديد بسعة ذاكرة 64 Kb وهي تعادل 64000 بايت Byte والبايت هو النقرة الواحدة على لوحة المفاتيح Keybord.
في تلك الفترة نشرت الصحف نبأ الفتح التكنولوجي الذي أتت به شركة آي بي إم IBM على يد مهندس سوداني يعمل بها وعلى ما أذكر كان ذلك الإنجاز هو تحويل الصوت إلى نص مكتوب أو العكس تحويل النص إلى صوت منطوق واليوم يتواجد الشباب السوداني في مختلف شركات التقنيات المتطورة في جميع أنحاء العالم ولو لم يكونوا أذكياء ومؤهلين لما تم استيعابهم فيها.
في تلك الفترة في بداية الثمانينات إمتلكت آلة حاسبة كاسيو Casio مدمج فيها فيها برنامج البرمجة بلغة بيزيك BASIC وكان ذاكرتها 2000 بايت Byte فقط لاغير والبايت كما ذكرنا آنفا هو النقرة الواحدة على لوحة المفاتيح Keyboard !! وقمت بكتابة برامجي الخاصة بلغة البيزيك التي تعلمتها بدون معلم من كتب تعلم لغات البرمجة وذلك لحساب التكلفة وتجهيز عروض الأسعار لشركة أمريكية كنت أسوق منتجاتها في السعودية عن طريق الوكيل.
وحين انتهيت من كتابة البرنامج كان قد استهلك حوالي 1900 بايت Byte وإذا تخطيت السقف بحرف واحد تظهر رسالة خطأ Error.
ظلت تلك البرامج محفوظة مكتوبة على أشرطة طباعة حرارية لطابعة حرارية مدمجة بالآلة وظللت محتفظا بها في فايلات في بيتي الذي استبيح مرارا في حرب 15 أكتوبر 2023م ولا استبعد أنها قد تشتت وفسدت مع ما تشتت وفسد ، ولم تكن لها قيمة سوى أنها ذكرى إبداع شبابي لمندوب مبيعات وتسويق شاب ضل طريقه من علوم البرمجيات والحواسيب للزراعة ثم ضل طريق ثانية لهواية التاريخ ودهاليزه وبحوره.
بعد الانتهاء من كتابة البرنامج تبدأ في التشغيل وتقوم بإدخال المدخلات وهي المعلومات المطلوبة لإجراء الحسابات وهذه المدخلات أنت المصمم من تقوم بتحديدها ولا تصدق ما يقال لك عن شيئ إسمه الذكاء الصناعي AI ، الذكي هو الإنسان الذي يكتب البرنامج بأكبر عد من الإحتمالات الممكنة ويظل يطور في البرنامج بإضافة المزيد من الإحتمالات مع مرور الزمن وإذا كان هناك فريق من المطورين يكون التطوير كبيرا وأسرع ، وكلما زادت سعة ذاكرة الآلة Machine زادت إمكانات تطوير البرنامج ، ولاحقا تطورت الذاكرات فظهر الكيلوبايت ويعادل 1000بايت ثم الميجابايت Megabyte وتعادل 1000 كيلوبايت ثم القيجابايت وتعادل 1000ميجابايت ثم ظهر التيرابايت ويعادل 1000 جيجابايت وهكذا تستمر عجلة التطوير حتى ظهرت البرمجيات مفتوحة المصدر التي يشارك في تطويرها المبرمجين من مختلف دول العالم.
الذكي هو الإنسان وهو صنع الله الذي أتقن كل شيئ وليس الآلة الصماء وهي فعلا آلات صماء فشركة آي بي إم IBM كانت إختصارا ل International Business Machines وتعني آلات الأعمال العالمية وهي شركة عمرها اليوم أكثر من مائة عام.
والذكاء والتفكير من أسرار القدرة الإلهية ومن نعم الله التي لا تحصى وهو من التكريم المطلق من الله سبحانه وتعالى لإبن آدم دون أن يكون في مقابله العبادة وتوحيد الله تعالى ، فقد قال الله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [ الإسراء: 70] فقال الله تعالى ( بني آدم ) على وجه الإجمال دون تحديد لدين أو جنس أو لون ، ومن المؤكد أن العقل والقدرة على التفكير وقوة الخيال والسعي لتحويل المتخيلات إلى محسوسات هي من نعم الله التي لا تحصى ومن التكريمات الإلهية لإبن آدم من حيث هو إبن آدم.
ومن يتولى الحكم والإدارة في هذا السودان مطلوب منه أن يطلق طاقات الشباب في التفكير والإبتكار والإختراع والتطوير وهذا هو ديدن دول أفريقيا اليوم من حولنا ، أثيوبيا ، نيجيريا ، رواندا ، كينيا ، جميعها تطلق لشبابها طاقات الإبداع في البرمجيات وتقليد صناعات الهاردوير فاقتحم شبابها مجالات المسيرات والصواريخ الصغيرة وهي من أسباب القوة ، وبينما تعبر دول أفريقيا في مجالات البرمجة والصناعات التقنية ينشغل حكامنا ومديرينا بالحفاظ على حقوق الشركات ولو على حساب المستقبل بمطاردة الاستارلنك وغيره وقبلها طاردوا وحاصروا تقنيات الطاقة الشمسية فتعسا لها ثم بؤسا من عقول متحجرة.
واليوم في هذه الحرب تدور معارك من نوع آخر هي المعارك خلف الشاشات بين شباب من المعسكرين وهي معارك إختراق الحسابات واستحضار معلومات العدو من داخل حواسيبه وحسب علمي فإن السلاح المضاد للمسيرات هو الإختراق البرامجي للسيطرة على مسيرة Drone العدو وقطع الصلة بينها وبين مركز تحكم الإنطلاق لتأتمر بأوامر مركز تحكم آخر ، قلت لكم أنها مجرد أجهزة صماء وليست حتى غبية لأن الغباء درجة من درجات الذكاء لا تستحقه هذه الآلات.
#كمال_حامد 👓