أسأل نفسي ما هو ميس (في لعب الأطفال) أهل قحت وتقدم الذي يبلغون البلد به ويكون يوم النصر المؤكد على الكيزان فيرتاح خاطرهم وخاطر البلد. تربصوا بهم بعد انقلاب 1969 وسموهم “إخوان حتحوت” لينتهي الانقلاب التقدمي المزعوم في 1983 إلى ثيوقراطية دينية من أبو كديس أو أبو كيزان. وتربصوا بهم قبل ثورة ابريل 1985 وما بعدها ودمغوهم ب”السدنة” وتكأكأوا على شيخهم الترابي بأقصى الصحافة وغلبوه. ثم عاد الكيزان بانقلاب 1989 دولة ثيوقراطية لآخر حد. ثم اسقطوهم ك”فلول” في 2019 بل داسوهم دوس. ثم عادوا. ومدعوون نحن الشعب ما نزال للتعبئة لاستئصال الكيزان.
أليس ثمة شيء غاية في الخراقة هنا؟ حتاما نساري الكيزان في الظلم؟ فليس يصدق حشدنا لعقود لهزيمة الكيزان بلا طائل إلا أن تكون أصابتنا “لعنة” الكيزان كما في لعنة سيزيف. فتقول الأسطورة الإغريقية عن لعنة سيزيف إن الآلهة عاقبته بحمل صخرة عظيمة إلى قمة جبل ما يبلغها حتى تتدحرج الصخرة مرة أخرى إلى أسفل. فيعيد الدورة. يرفعها إلى قمة الجيل. تتدحرج. يرفعها ثانية وهكذا دواليك إلى قيام الساعة لو اعتقد الإغريق الكفرة فيها.
يبدو أن لا قحت ولا تقدم تريد لنا أن نرى عيبها من وراء قرارهم تحميلنا صخرة الكيزان التي أوثقوها على أكتافنا. وعيبها أنها لا تحسن القضاء عليهم. فيخرج عليهم الكيزان من ثقب أداء واجباتهم ويسألون: من أين جاء هؤلاء؟ وعلينا حمل الصخرة في الواد لأنهم حين فشلوا، وأدموا الفشل، خرجوا منه كالشعرة من العجين “اشكع على الكيزان”.
وأنشر كلمة قديمة هنا كمضرب مثل في إهمال قحت في واجباتهم إهمالاً نفذ الكيزان من ثقوبه الواسعة.
الثورة المضاد وخالد عمر: من القراي إلى الفاخر إلى البند السادس والدور على لجان المقاومة
لم استغرب لبؤر الثورة المضادة تصوب نيرانها على لجان المقاومة. فالشيء من معدنه لا يستغرب. ما أثار عجبي أن صدّق كل من الأستاذ خالد عمر يوسف، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، واللجنة المركزية للحزب الشيوعي ما ثار حول لجان المقاومة في كوستي وسنار وشرق النيل كما في نسخة الثورة المضادة بذبابته. وجنحا بالنتيجة ل”لتباعد الاجتماعي” من هذه اللجان. فنفى خالد يوسف رسالة منسوبة إليه ربطت بينه وبين الاعتداء على عثمان ذو النون في سنار (مايو 2020). وقال إنها رسالة ملفقة. وتعالى الحزب الشيوعي في بيان لجنته المركزية عن ارتكاب مثل العنف المنسوب للجان المقاومة: فشعبهم العظيم يعرفهم أنهم كانوا “ولا زلنا في طليعة القوى المنادية بسلمية الثورة”.
واتخذ تصديق خالد والشيوعي “وش” لما ثار حول لجان المقاومة الثلاث مظهران. المظهر الأول هو إدانة “الحدس ما حدس”. فقال خالد إن ما حدث لعثمان ذو النون “أمر مدان بالكامل. فالعنف ليس الوسيلة الأمثل للتعبير عن الاختلافات”. وقال الحزب الشيوعي ” لهذا نشجب وندين كل التصرفات العنيفة” (ونشجب بالطبع هي ندين والعكس صحيح). أما الشيوعي فاستقل بالمظهر الثاني من تصديق ما ثار بوجه لجان المقاومة من فحيح الثورة المضادة. فسمى من هم وراء هذا العنف (يا مؤمن يا مصدق) بغير لجاجة. فهم “الانتهازيون متسلقو الثورات” مع تقديره لدور الشرفاء في تلك اللجان.
وزاد الحزب الشيوعي عن خالد أيضاً بانتهازه سانحة هذه العنف الغوغائي المنسوب للجان المقاومة المذكورة ليرمي ب”حدرة في الظلام” للحكومة الانتقالية ولحزب الأمة أفرغ فيها محفوظاته الأولية عنهما. فوجد لهذه التجاوزات الغوغائية العنيفة مبرراً في أداء الحكومة الانتقالية وسياسات حزب الأمة والقوى النظامية. فقال إن من قام بالعنف (يا مؤمن يا مصدق) هم من صدمتهم سياسات الهبوط الناعم (حزب الأمة)، وأداء الحكومة الانتقالية العاجز في مثل تأخير تكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة، والانحراف عن تحقيق السلام، الذي اختطفه مجلس السيادة، بالسير في طريق الحلول الجزئية القديم، ونشوب الفتن القبلية ما ظهر منها وما بطن، وبطء عملية تفكيك نظام الإنقاذ، وانفلات السوق. وختمها الشيوعي بلازمة رفض سياسات إبراهيم البدوي بالاسم السائر في طريق خطة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
لم يزد خالد والحزب الشيوعي حيال ذائعة عنف لجان المقاومة عن تنزيه الذات، واستعراض علوهم علوا كبيراً عما يقوم به “الغوغاء” في بيان الحزب الشيوعي. وخلا الموقفان من دبارة القيادة. فلم يسألا عن طريق لجان المقاومة موضوع نظرنا، أو فروع حزبيهما، إن كان ما أثير حولها حقاً. وإن كان حقاً فبأي حيثيات. لم يطرأ لأيهما السؤال إن وقعت حادثات العنف، إن وقعت، كما روتها الثورة المضادة أم أن لها رواية أخرى نحررها بها من براثن أعداء الثورة. هل نأخذ عن هذا العنف برواية شيخ السجادة التجانية بشرق النيل التي طار بها مثل حسين خوجلي فرحاً، أم رواية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف؟ هل نبني موقفاً كمثل موقف خالد والحزب الشيوعي من حادثة الاعتداء على ذو النون على ما يشتهيه الرجل أم باعتبار ملابسات لذو النون بالذات في جامعة سنار؟ فالرجل أوغر صدور زملاءه في نفس الجامعة منذ سنوات في دوره ككادر عنف إسلامي متهم عندهم بقتل الشهيد سوميت.
هذه أسئلة للتغذية يطلبها القائد عادة من قوى تقع في نطاق تحالفاته كلجان المقاومة ليبني عليها موقفاً من واقعات عنفها، أو عدمه، على بينة. وهي أسئلة أجابتها في متناول يد كل من خالد والحزب الشيوعي متى طرأت لهما. ومن المؤسف أنهما اختارا بغير سابق اتفاق أن يحفظا المسافة الاجتماعية من هذه الذائعات طلباً لتبرئة الذات وركوب أعلى الخيول الأخلاقية في هذا الزمان الضحضح للثورة. بل حز في نفسي ما بدا لي تربحاً أخرقاً من الحزب الشيوعي من ذائعات العنف عن لجان المقاومة. ف”دلا روتل” مواجعه كله من الهبوط الناعم حتى بطء إجراءات تفكيك دولة الإنقاذ. ولم يتحقق بنفسه مستقلاً عن أي من الحادثات المنسوبة للجان المقاومة. (ودلا الروتل لغة عطبراوية في معني إفراغ ما في خاطرك كله، وروتل هي رويتر التي ذاع اسمها بين الأفندية خلال الحرب العالمية الثانية)
يحز في نفسي القول إن خالد والحزب الشيوعي أسفرا في ما يثار حول لجان المقاومة عن فقدان لياقة قيادية كامل. فكأنها، وقد استنفدهما تنزيه النفس عن فعل السفهاء منهم، قد رميا بلجان المقاومة لتنهشها ضباع الثورة المضادة. ولا بواكي لها. وما أقرأه من أدب الثورة المضادة أن لجان المقاومة هي الهدف المباشر الحالي الذي تتجه إليها سهامها. وما يريدونه في الوقت الراهن بسيط وهو حشرها في زاوية لتتخذ وضع الدفاع عن نفسها في حين أردنا لها الهجوم لتغيير المجتمع. ووضعية الدفاع عن النفس، لا الهجوم، هو ما حققته الثورة المضادة في جبهة القراي والمناهج وشركة الفاخر. فصرنا نصرخ دفاعاً عن الجبهتين لا هجوماً بهما كما في أصل التفويض.
لسنا على استعداد لنخسر لجان المقاومة بمثل ما رأينا من خبط في كابين القيادة. فهي عدتنا في زمن الوحول الذي زلت به أقدام وألسنة في قيادة قحت. لقد خاطر شباب المقاومة والنداء للفداء حار من شغاف الوطن. ولن يشق عليهم زمن الوحول. قال المتنبي:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول
الصورة للشهيد سوميت الذي يتهم زملاء عثمان ذو النون في جامعة سنار بقتله خلال دراسته فيها كادراً إسلامياً للعنف
عبارة خالد عمر في تنزيه نفسه عن حادثة سنار:
“استمراراً لحملة تلفيقات “الفوتوشوب” جرى اليوم تداول لرسالة منسوبة لي تربط بيني وبين الاعتداء الذي تم على عثمان ذو النون نهار اليوم في سنار. تبع تداول هذه الرسالة سيل جارف من الاتصالات التلفونية والرسائل النصية على هاتفي الخاص تندد او تستفسر حول ما حدث !!
الرسالة ملفقة بالكامل بالطبع وهي تأتي في إطار حملة متكاملة تستخدم فيها الوسائط الالكترونية لنشر الغث وتشتيت الأذهان.
ما حدث لذو النون أمر مدان بالكامل فالعنف ليس الوسيلة الأمثل للتعبير عن الاختلافات، وحرب الشائعات والتلفيقات هذه تؤشر بوضوح على ارتفاع وتيرة عمل جهات لها مصلحة مباشرة في خلق هذا الجو المضطرب
بيان الحزب الشيوعي في تنزيه نفسه عن عنف مثار حول لجان المقاومة:
*بيان جماهيري*
سلمية سلمية
*سلمية قوى الثورة من أجل تصحيح مسارها وتحقيق أهدافها*
شعبنا الأبي نحيي نضالكم السلمي العظيم في مواجهة فلول النظام البائد، وكما تعلمون فإن الفلول يسعون إلى افتعال المشاكل وخلق الظروف التي تشيع العنف، يعاونهم، بوعي أو بدونه، مجموعة من الجهلة الذين تسلقوا لجان المقاومة .
شعبنا العظيم نحن كنا ولا زلنا في طليعة القوى المنادية بسلمية الثورة، ولهذا نشجب وندين كل التصرفات العنيفة من بعض أدعياء الثورة في كوستي وفي سنار وعد بابكر واليرموك وفي كل المناطق التي يأخذ فيها الانتهازيون متسلقو الثورات القانون بيدهم، مع تأكيدنا على الدور المقدر للشرفاء من لجان المقاومة في فرض هيبة الدولة .
إن مواجهة فلول النظام البائد يجب أن يكون في المقام الأول بالقانون بواسطة الدولة وأجهزتها، ولا يجب ترك هذه المهمة للغوغاء . ومن هنا نلفت نظر السلطات إلى أن ما يحدث من تجاوزات من بعض الغوغاء يتسبب فيه التهاون في مواجهة فلول النظام البائد في ظل تمدد نشاط الثورة المضادة، والدعوات للتسوية معها، والإبقاء علي المصالح الطبقية للقوى القابضة في النظام السابق وفلوله، وللبطء في تفكيك التمكين في كل مفاصل الدولة، ولتأخير تكوين التشريعي وتعيين الولاة المدنيين، وإلى السير في طريق النظام البائد في السلام القائم علي الحلول الجزئية بديلاً للحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة. وخرق الدستور في اختطاف مجلس السيادة لمفاوضات السلام من مجلس الوزراء وعدم تكوين مفوضية السلام، ما قاد إلى الحال في مفاوضات جوبا القائمة علي المحاصصات والمسارات، وأدى لعدم الوصول لسلام رغم مرور 6 شهور حسب الوثيقة الدستورية.
لقد تسبب عجز الحكومة في مواجهة انفلات السوق، وضبط الأسعار… وما خلق من أزمات في الخدمات والمواصلات، والفتنة القبلية في الشرق والقمع والاغتصاب في دارفور، وجبال النوبا ونسف الأمن والإستقرار في المدن. وفي هذا نعلن رفضنا لسياسة وزير المالية البدوى في رفع الدعم عن الوقود (زيادة الاسعار)، رغم أن أسعاره هابطة عالميا، ورفض توصيات صندوق النقد الدولي في رفع الدعم وتخفيض العملة، والتحرير الاقتصادي، والخصخصة وتشريد العاملين، وسحب الدعم عن التعليم والصحة..
كل هذه الظروف تساعد على جر لجان المقاومة للعنف، وللأسف تنطلي هذه الخدعة على بعض الجهلاء الذين تسللوا إلى هذه اللجان، الأمر الذي يجعل الحاجة ملحة لمراجعة عضوية اللجان وإبعاد العناصر المخربة التي لا نستبعد أن تكون مندسه مهما بالغت في إظهار العكس.
– المجد والخلود لشهداء الثورة السودانية والقصاص العادل لهم، وعاجل الشفاء للجرحى.
– عاجل الشفاء للمصابين بداء كرونا، وأوسع حملة لمحاصرة وهزيمة الوباء.
*سكرتارية اللجنة المركزية*
**الحزب الشيوعي السوداني*
ا
عبد الله علي إبراهيم