بالتزامن مع جولة «أنتونى بلينكن» الإفريقية، التى تشمل الرأس الأخضر وكوت ديفوار ونيجيريا وأنجولا، تقوم ليندا توماس جرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، بجولة أخرى بدأتها فى غينيا بيساو، الأحد الماضى، وتنهيها بزيارة سيراليون، وبينهما شاركت فى حفل تنصيب جوزيف بواكاى رئيسًا جديدة لجمهورية ليبيريا، خلفًا للرئيس جورج ويا، الخاسر فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
صباح الإثنين الماضى، وصف وزير الخارجية الأمريكى دولة «الرأس الأخضر» بأنها «منارة للاستقرار وصوت قوى ومبدئى»، وقال من عاصمتها برايا إن «الأصوات الإفريقية تؤثر بشكل متزايد فى الخطاب العالمى وتحفزه وتقوده». وخلال لقائه رئيس وزرائها خوسيه أوليسيس كوريا إى سيلفا، أكد «بلينكن» أن بلاده «ملتزمة بتعميق وتعزيز وتوسيع الشراكات فى جميع أنحاء إفريقيا»، وقال إن «هذه الرحلة تركز على التزام الرئيس بايدن واقتناعه بأن الولايات المتحدة وإفريقيا متحدتان فى شراكة من أجل المستقبل». ثم توجّه إلى كوت ديفوار، مساء الإثنين، وحرص على حضور إحدى مباريات كأس الأمم الإفريقية، لكرة القدم. وكنا قد توقعنا أن يقع اختياره على مباراة منتخبنا الوطنى مع منتخب الرأس الأخضر، لكنه اختار مباراة غينيا الاستوائية وكوت ديفوار، التى أقيمت على ملعب أقيم بدعم من الصين!
بتلقى شباكه أربعة أهداف، حلّت على منتخب البلد المضيف بركة «بلينكن»، الذى ناقش، الثلاثاء، الوضع الأمنى بالمنطقة، وسبل تعزيز الاستقرار فى غرب إفريقيا، مع الرئيس الإيفوارى الحسن واتارا، الذى شكر الولايات المتحدة عن دعمها بلاده فى مكافحة الإرهاب. و.. و.. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن دراسة أصدرتها «مجموعة الأزمات الدولية»، السنة الماضية، رأت أن عدم وجود وقوع أى هجوم إرهابى كبير فى كوت ديفوار، منذ حوالى سنتين، يعود إلى نهج مزدوج اتبعه «وتارا»، يقوم على نشر قوات قرب الحدود مع مالى وبوركينا فاسو، والتنمية الاقتصادية فى شمال البلاد.
واصفًا الولايات المتحدة بأنها «الحليف الاقتصادى والتنموى والأمنى الرئيسى للقارة الإفريقية فى أوقات الأزمات الإقليمية والدولية»، بدأ «بلينكن» زيارة نيجيريا، التى اجتمع فيها مع الرئيس بولا تينوبو، ووزير الخارجية يوسف توجار وممثلين عن المجتمع المدنى. وأوضح بيان أصدرته الخارجية الأمريكية أن الأطراف الثلاثة بحثوا تعهدات الرئيس بايدن خلال القمة الأمريكية الإفريقية، التى استضافتها واشنطن، فى ديسمبر ٢٠٢٢، خاصة فى مجالات المناخ والأمن الغذائى والأمن الصحى، وناقشوا سبل تعزيز الاستثمارات الأمريكية فى البنية التحتية، ومساعدة نيجيريا ودول القارة الإفريقية على المنافسة فى السوق العالمية، و.. و.. ولم يشر البيان إلى الهدف الأبرز: مواجهة تنامى النفوذ الصينى أو الروسى.
لمواجهة تنامى النفوذ الصينى أو الروسى، أيضًا، ينهى بلينكن جولته بزيارة أنجولا، التى رفضت، سنة ٢٠٢٢، عرضًا صينيًا لإعادة تأهيل وتشغيل خدمة الشحن على طول خط لوبيتو كوريدور، المعروف باسم «ممر لوبيتو»، ومنحت امتيازًا مدته ٣٠ سنة لكونسورتيوم أوروبى تدعمه الولايات المتحدة، وعد بنقل ملايين الأطنان من المعادن من الكونغو إلى ساحل أنجولا على المحيط الأطلسى. وفى الشهر الماضى، وقع اتحاد السكك الحديدية «أول أمريكان ريل جروب»، الذى يقع مقره بتكساس، مذكرة تفاهم مع الحكومة الأنجولية لاستكشاف تطوير طريق قطار موازٍ إلى الكونغو يمر عبر شمال أنجولا. كما يتفاوض الجيش الأنجولى على صفقة لشراء أسلحة ومعدات أمريكية، وفقًا لمسئولين أمريكيين. ومع ذلك، لا تريد لواندا أن تخوض معركة علنية مع بكين، التى قدمت لها الدعم والقروض، لفترات طويلة، وأكد ريكاردو دابرو، وزير النقل الأنجولى، التزام بلاده بالحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع الصين.
.. وتبقى الإشارة إلى أننا لم نعرف شيئًا عن تفاصيل جولة السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، باستثناء أنها احتفلت، أمس الأول الأربعاء، بمرور عقدين على إنشاء «مؤسسة تحدى الألفية»، وأعادت تأكيد التزام بلادها بتوسيع العلاقات الثنائية، خلال اجتماعاتها مع رؤساء الدول الثلاث: عمرو سيسوكو إمبالو، رئيس غينيا بيساو، وجوزيف بواكاى، رئيس ليبيريا الجديد، وجوليوس مادا بيو، رئيس سيراليون.
ماجد حبته – جريدة الدستور