قال سعادة عبد الله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة السابق، إن رحلة قطر لتحقيق معجزتها الاقتصادية بتصدير الغاز المسال إلى العالم مليئة بالتحديات والصعوبات، مشيراً إلى أن قيادة قطر تولي اهتماما للاستعداد والتهيؤ لمرحلة ما بعد النفط والغاز.
وأضاف العطية – في حوار مع منصة “أثير” بشبكة الجزيرة – أن بداية قطر كدولة بترولية، كانت في عام 1949، حينما خرجت منها أول شحنة بترول وبدأت انتعاشتها الاقتصادية، بينما كانت قبل ذلك واحدة من أفقر دول العالم باعتبارها دولة جافة دون موارد اقتصادية فاعلة، وكان اعتماد أهلها في ذلك الحين على صيد اللؤلؤ الذي تأثر لاحقا باكتشاف ياباني طريقة لزراعة اللؤلؤ.
ويروي العطية أن أوضاع البلاد ودول الخليج كانت قاسية قبل البترول ودفعت الكثيرين للهجرة منذ بداية القرن العشرين، بينما كانت الدولة تخلو من أي مؤسسات خدمية، وأشار إلى أنه فاقم من الأوضاع الصعبة في قطر توقف التصدير بسبب الحرب العالمية، لتدخل البلاد مرحلة “الجوع” كما استشرى في البلاد مرض الجذري والذي قضى على ثلث سكان قطر.
وأشار إلى أن أول اكتشاف بئر نفط في مدينة دخان على الساحل الغربي لقطر عام 1939، لكن بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية تم إغلاقه من قبل الشركة المنفذة وخروجها من البلاد، مشيراً إلى أنه بعد عودة شركات البترول لاستخراجه في قطر، عاد الكثير من القطريين الذين هاجروا إلى بلادهم واستقروا بها، وبدأ الأمر بعملهم في تلك الشركات وشهد عام 1949 أول شحنة بترول تخرج من البلاد، وحينها قررت الدولة إنشاء أول مستشفى صغير وأول مدرسه ابتدائية في تاريخها.
ظلم الاستعمار البريطاني
يذكر العطية أن الإنجليز قاموا باعتقال والده وعدد من وجهاء قطر، ثم قاموا بنفي أغلبهم خارج البلاد ما عدا والده والسيد ناصر بن عبد الله المسند، لرفضهم الأمر.
ومنذ ذلك الحين، حيث كان عمر العطية نحو 10 سنوات، تحمل مسؤولية أسرته والتي ترسخت بوفاة والده في السجن بعدها بعامين، وكان لوالدته وجدته من طرف أبيه دور كبير في تعليمه هو وإخوته السبعة (4 أولاد و3 بنات) حتى تخرجوا جميعهم من الجامعات.
وتحدث العطية عن انتقاله عام 1970 إلى الولايات المتحدة الأميركية من أجل الدراسة الجامعية، إلا أنه وبعد أن علم بحصول متغيرات في البلاد عام 1972، عاد إلى قطر بقصد الزيارة، فطلب صديقه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة منه البقاء في قطر لمساعدته في خدمتها وتنميتها، وأصر عليه في الأمر.
وتولى العطية وزارة الطاقة والصناعة عام 1992 بعد ترشيح صاحب السمو الأمير الوالد، وكان الخليج يواجه أزمة اقتصادية شديدة، إذ انهارت أسعار النفط إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، بعد أن كان سعره 85 دولارا، ويوضح أنهم تمكنوا من تجاوز تلك المرحلة الصعبة وتنفيذ مشاريع ضخمة حققت النهضة الاقتصادية، ومن ضمنها كان مشروع تحويل الغاز إلى سائل، والنجاح في إبرام أول عقد طويل الأجل لتصديره إلى اليابان، والذي استمر 25 عاما، والتحديات اللاحقة التي استطاعوا تجاوزها
وعقب حدوث تلك “المعجزة” بتصدير أول دفعة من الغاز المسال أواخر عام 1997، تتابعت عقود قطر مع دول أخرى في مقدمتها كوريا الجنوبية ثم الصين والهند، كذلك جرى إبرام عقود مع دول أوروبية كإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وبولندا، كما تم توقيع عقد مع الكويت
وأشار الوزير القطري السابق إلى دور صاحب السمو الأمير الوالد في نهضة قطر، بالتركيز على الاستثمار في قطاع التعليم، حيث كان مؤمنا بأن العلم قبل الحجر، فأنشأ مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
وسلط الضوء على الدور السياسي لدولة قطر والذي تمثل بالقيام بأدوار وساطة ناجحة، زاد من ثقلها الدولي حتى باتت الوسيط المثالي في الأزمات المختلفة، مشيرا في هذا السياق إلى تجربة الوساطة بين طالبان والولايات المتحدة الأميركية.
وحول الحرب التي يتعرض لها قطاع غزة، يرى العطية أنها “أكبر جريمة إبادة جماعية في التاريخ الحديث”، مؤكدا أن الدول العربية كان بيدها أن تكون مؤثرة إذا اتفقت على موقف موحد.
لكنه في ذات الوقت لا يرى أن حظر النفط والغاز الخليجي يمكن أن يكون عامل ضغط على الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مؤكدا في هذا السياق على أن هولندا وأميركا لم تتأثّرا بحظر النفط نهائيًا في 1973 رغم ما هو شائع حول ذلك التأثر
وحول استعداد الخليج لمرحلة ما بعد النفط والغاز، أشار العطية إلى توجه قطر ناحية الاستثمار في الطاقة المستدامة والمتجددة، واستغلال ما هو متوفر لدول الخليج من الطاقة الشمسية، حيث قامت قطر ببناء واحدة من أكبر محطات الطاقة في العالم والتي تبلغ سعتها 800 ميغاواط.
الشرق القطرية