المشكلة ليست «صلاح»

أُصيب محمد صلاح خلال مباراة غانا، وهو أمر وارد حدوثه فى الكرة. وبمجرد أن خرج تصريح كلوب، مدرب ليفربول، الذى أكد فيه رجوعه إلى ليفربول، على أن يعود قبل نهائى الأمم الإفريقية، لو اكتمل العلاج، حتى قامت الدنيا ولم تهدأ. يمكن أن نتفهم غضب البعض من هذا الإعلان السريع لأنه أعطى انطباعًا أن المنتخب لا حول له ولا قوة، وأن ليفربول وحده مَن يتخذ القرار. وتسرب إحساس لدى آخرين بأن كابتن المنتخب لا يعبأ كثيرًا بفوز مصر، بل يهتم فقط بطموحاته مع ناديه.

والمشكلة هنا هو أن مَن انساق إلى هذه المشاعر لم يفكر للحظة واحدة أنه من الطبيعى أن تصدر تصريحات تنقل أخبار لاعب من أهم لاعبى ليفربول؛ أما غير العادى فهو أن يتأخر اتحاد الكرة أو بعثة المنتخب فى إطلاعنا على التطورات؛ وعندما يحدث، فتكون الأخبار غير دقيقة ومتناقضة. من المنطقى أن يغادر صلاح إلى ليفربول للعلاج، خاصة فى ضوء غياب أى تجهيزات علاجية متخصصة فى ساحل العاج؛ وكان يجب إعلان الأمر بشكل أشد وضوحًا وسرعة منعًا للبس.

أما المشكلة الأكبر، فهى أن مَن انجرف وراء هذه المشاعر السلبية الجياشة، وحمّل صلاح أخطاء الكون كله، وشكّك فى انتمائه؛ لم يفكر فى سبب شعوره بهذه المشاعر، ولم يتأمل فى الأسباب التى جعلته يتحرك فى هذا الاتجاه، فالحقيقة هى أن الإحباط الشديد من حالة كرة القدم فى مصر، هذه اللعبة الجماهيرية الجميلة، جعل الكثيرين يلقون باللوم على مَن اعتبروه المخلص المنتظر، إلا أن المشكلة ليست فى صلاح، بل فى منظومة الكرة ككل؛ كما أن الحل ليس فيه، بل فى إصلاح هذه المنظومة.

فالرياضة مثلها مثل الصناعة أو التجارة تحتاج إلى منظومة تُديرها وتجعلها قادرة على المنافسة؛ لكن منظومة إدارة لعبة كرة القدم فى مصر تعانى تلك الأمراض التى يعانى منها الوضع العام فى المحروسة من تفضيل المحسوبية على المهنية، والتماهى فى المحاباة على حساب الجدية؛ بالإضافة إلى عدم القدرة على التخطيط والتنظيم الجيد، فالنجاح فى كرة القدم يتطلب بناء منظومة كاملة متكاملة ابتداءً من انتقاء المواهب وتعليمها، وانتهاءً بإدارة الأمور المالية والفنية والتنظيمية الخاصة بالفريق.

وأخيرًا جدير بالذكر أن حالة تهافت النقاش العام فى مصر وتسطيحه لا تساعد على التطوير؛ فالشفافية فى المعلومات، والنقاش الجاد، يبنيان ويُصلحان، أما التسطيح،
فيهدم ويدمر.

نادين عبدالله – المصري اليوم

Exit mobile version