– لم يصدق الناس بعد كيف سقطت مدينة مدني وولاية الجزيرة في أيدي الجنجويد المرتزقة عندما دخلوها عصراً في ذلك اليوم المشؤوم دون قتال، وذلك بعد أن تم دحرهم قبالة كبري حنتوب ليومين قبل تسليمهما المستغرب حتى اللحظة!!
– لقد تبدلت الأوضاع في السودان ليلة سقوط مدني، وبمثلما كان هتك شرف مدني قلب السودان جرحا لكل سوداني حر، فقد كانت كذلك بداية الكارثة على الجنجويد .. لقد أيقظت مدني في الناس صحوة الهبة والمقاومة الشعبية في نفوس الشعب السوداني بعد طول انتظار ومنع من القيادة لحمل السلاح والتسليح الشعبي حتى حدث ما حدث.. فرضت هذه المعادلة على الجميع صوت الشعب السوداني حتى صار السلاح متاحا للجميع وصارت المقاومة خيارا لا بديل له إلا بالمقاومة..(لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الدم) لقد أرعبت المقاومة الشعبية داعمي المليشيا من الخارج وأقلقت مضاجع الجنجويد وقائدهم الباغي الشقي حميدتي.. إن مدني هذه عظيمة في كل شيء حتى في سقوطها رفعة وصحوة ونصر للشعب السوداني..
– من يصدق أن القوات العسكرية الكبيرة انسحبت من مدني لحظة السقوط الأليم لعدم وجود الذخيرة ودخل الأوباش إلى قلب السودان ونبضه الحي دون طلقة واحدة!! بالله من المسؤول من !من!؟
– من الذي فرط في الأعراض والمسنين والمسنات والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة الذين اندسوا في مدني الأمان وكلهم ثقة فيمن يتولى حمايتهم وأمنهم.. من الذي فرط في الأموال والمصانع والشركات والبضائع والأدوية والمحاصيل والوقود والغاز .. من الذي سلم كل هذا للجنجويد مجاناً!! الدروة والقتل القاسي لن يكون شافي في مواجهة من فرط في هذا الشرف الرفيع وأقلق مضاجع السودانيين وهزهم هزاً!!
– سمعت الرئيس البرهان يتحدث عن الخروج من مدني في خطابه ليلة الإحتفال بعيد الاستقلال ويضعه من ضمن الشروط للتفاوض أو الحوار مع المليشيا .. وقرأت ذلك مرة أخرى أمس الأول في بيان للخارجية أن الخروج من مدني من ضمن الشروط للتفاهم مع المليشيا!! .. شعرت بألم وحزن وحسرة أن تكون مدني المغدورة ضمن أجندة التفاوض وسقوفها إلحاقاً بمطلوبات إعلان جدة!! لقد جعلت الدولة مدني أمراً واقعا للتفاوض!! عندما أرى الحرامي كيكل يتجول في مدني اتمنى أن تبتلع الأرض بي مرة واحدة .. كيف يرى ذلك البرهان!؟ مدني ليست الخرطوم.. الخرطوم منطقة انطلاق حرب وتمرد ووجود قوات فطبيعي سقوطها أو خرابها في الحرب .. أما مدني فهي عار عار ..
– إن مدني لن تسقط بالتقادم أو التفاوض .. ولن يشفى جرحها ولو تحرر السودان اليوم من الأوباش.. مدني وما حدث فيها سيظل بلاغ مفتوح ويجب أن تخرج نتائج التحقيقات للرأي العام وتتم المحاكمات الناجزة نهاراً جهاراً .. مدني لن تُنسى وكشف ما حدث فيها معركة الجميع.. مدني يجب أن تُقتلع اقتلاعاً لا تعاد استعطافاً أو تنازلاً .. والموت في مدني يشبه العرس ..
محمد أبوزيد كروم