مهما امتلكت إدارة أى نادٍ عددًا من اللاعبين وضمت قائمة الفريق كمًا من النجوم الكبار من أصحاب المهارات والهدافين وحراس المرمى.. فلابد من وجود مدرب على مستوى عالٍ يقود المجموعة لتحقيق التناغم والتوازن ووضع الخطط وقراءة المنافسين ومساعدة المجموعة على التطور والانسجام للحصول على البطولات.. اختيار المدرب هو الأساس لأى نجاح.. لذلك هناك كثير من الفرق والمنتخبات كانت تملك نجومًا كبارًا ولم تستطع الفوز بالبطولات.. وجود المشروع هو المرحلة الأولى لبناء أى فريق ويتم وفقًا للأهداف والطموحات وخطط زمنية معينة.. وبعدها يتم اختيار المدير الفنى الذى يطبق تلك الخطة ويحقق أهدافها.. فرق كثيرة تعثرت فى البدايات مع مدربين كبار وخسرت عددًا من البطولات والمباريات.. لكنها بعد فترة حصدت كل الألقاب وأصبحت فى الصدارة أو بين الكبار لأنها أحسنت الاختيار.. من بين أزمات الكرة المصرية وأمراضها المزمنة افتقادها أدوات إعداد المشروع واعتقاد كل مسئول أن المدرب هو نهاية المرحلة وليس بدايتها.. لذلك نفشل كثيرًا فتظهر أخطاؤنا ويكون المدرب فى الغالب هو كبش الفداء أو الشماعة التى نعلق عليها أخطاءنا.
كولر المدير الفنى للأهلى الذى أصبح الآن محمولاً على الأعناق وتُخصّص له مساحات وصفحات للإشادة بأرقامه بعدما حقق المركز الثالث فى كأس العالم للأندية.. وحصد السوبر المصرى للمرة الثالثة فى تاريخه مع الأهلى محققًا إنجازًا تاريخيًا.. وهو الذى كان قاب قوسين من المطالبة برحيله من تدريب الأهلى إذا خسر الفريق مباراته أمام الاتحاد السعودى بنتيجة ثقيلة فى مونديال العالم للأندية.. هكذا كانت تسير الأمور على صفحات السوشيال ميديا وفى الكواليس.. واستشعرها الرجل وهو فى طريقه لخوض المونديال ونقلها مترجمه الخاص على صفحته الشخصية تعاطفًا مع الرجل.. ونال بسببها تحذيرًا شديد اللهجة من إدارة الأهلى.. ما حققه الأهلى مع كولر من مكاسب تخطت الحدود معنويًا وماديًا.. 6 ألقاب حققها الفريق تحت قيادته وخسر فى المقابل بطولتين.. فاز الأهلى ثلاث مرات بكأس السوبر المصرى وحقق ذهبية دورى أبطال أفريقيا ومحليًا فاز ببطولة الدورى وكأس مصر لنسخة الموسم الماضى.. بينما خسر الفريق قاريًا النسخة الأولى من الدورى الإفريقى.. وكان قد خسر لقب السوبر الإفريقى أمام اتحاد العاصمة الجزائرى.. السيرة الذاتية لكولر لم تكن هى الأقوى عندما تم اختياره لخلافة سواريش مع الأهلى.. لكن إدارة الأهلى اختارته باقتناع كامل لقدراته ولتنفيذ مشروع تعيد به تجربة الفريق مع البرتغالى مانويل جوزيه الذى حقق ما لم يحققه أى مدرب فى تاريخ النادى.. رغم حمى البدايات السيئة التى لازمته فى فترة عمله داخل جدران الأهلى.. كولر كان على العكس فبدأ عهده بالفوز بالسوبر المصرى أمام الزمالك وتحسّن فى النتائج.. ومؤخرًا وقبل كأس العالم للأندية حدث تراجع فى المستوى وتقديم الفريق لنتائج غير مرضية أغضبت الجماهير.. بعدما شهدت تعثرًا أفريقيًا بتعادل فى الدقائق الأخيرة فى مباراة يانج أفريكانز فى دورى الأبطال وتعادله سلبيًا أمام شباب بلوزداد الجزائرى.. ثم تعادل أمام الجونة وآخر مع سموحة فى الدورى.. التراجع فى المستوى والنتائج أزعج إدارة الأهلى ولجنة الكرة لكنها لم تكن سببًا لإقالة المدير الفنى.. خاصة أن ما تحقق مع المدير الفنى السويسرى من نتائج سابقة جعلت الفريق يتصدر التصنيف لأندية القارة والعالم فدعّمته وساندته الأمر الذى عاد على النادى بمكاسب مالية غير مسبوقة لأنعشت خزائنه بما يزيد على عشرة ملايين دولار وهو مبلغ منح إدارة النادى حرية التحرك فى إتمام مزيد من الصفقات فى كل اللعبات ودفع رواتب الأجهزة الفنية للأجانب وللاعبين المحترفين.
التعامل بالقطعة مع أى مدرب سواء محليًا أو أجنبيًا لا يؤدى لأى نجاح ولا يضمن استقرار الفرق حتى إن اهتزت العروض أو تراجع الأداء.. خاصة إذا كان هناك دراسة تمت لاختيار المدير الفنى.. وكانت هناك أسباب ودوافع لهذا الاختيار وإيمان كامل بما يملكه من إمكانات ورؤية للإدارة فى عملية الاختيار.. ومثال على ذلك كلوب المدير الفنى لفريق ليفربول الذى يلعب ضمن صفوفه النجم المصرى محمد صلاح.. كلوب عندما درب ليفربول لم يكن يملك سيرة ذاتية قوية لكن إدارة النادى آمنت بقدراته.. ورأت فيه ما يحقق طموحات المشروع الخاص بالفريق.. ففاز الرجل بالدورى بعد سنوات من الغياب وحقق بطولة دورى أبطال أوروبا وصنع فريقًا قويًا يمكنه المنافسة على كل البطولات.. ورغم تراجع النتائج وغياب عن البطولات لكن إدارة النادى أبقت على وجوده لأنها تعرف إمكاناته وعلى يقين من تنفيذه مشروع النادى فى عدد من السنوات.
خالد عبدالمنعم – بوابة الأهرام