يحتاج الأمر إلى مشروع كتلة سياسية وطنية عبر مبادرات من فاعلين جدد، يقومون بإعادة نسج العلاقات بين الجزر السياسية المعزولة، و التنافر داخل الكتل السياسية ذات الإتجاهات الواحدة.وهنا أعني بها الكتلة الوطنية التي إتخذت موقفها مع الدولة و مؤسساتها مبكرا قبل هذه الحرب بسنوات.
حتى هذه اللحظة أثرت أزمات سياسية منذ العام 2013م على هذه الكتل مما خلق تشققات وتنافر ومراكز قرار جديدة تبعاً لكل أزمة سياسية تأتي، فلا تزال نزاعات العام 2016 مؤثرة على كتلة المعارضة وهو ما بدأ واضح بعد صعودها للسلطة عبر شروط مختلفة للمشروع الذي صممت من أجله.
بكل تأكيد منذ أحداث العام 2019 أعيد إنتاج سياق المصالح السياسية التي توحد الكتل و تفرقها، أعادت إنتاج منافذ جديدة لبؤر تأثير مختلفة. ولكن عملت أحداث ثانوية مختلفة في الفترة الإنتقالية على إنتاج المصالح المشتركة.
بكل تأكيد يمثل مصلحة بقاء الدولة و الحفاظ عليها مبدأ جذري أعلى من كافة التناقضات التي أفرزت خلال الفترة الإنتقالية وحراك 2018م مما يعني ضمنيا وقوع هذه المسارات السياسية في مجرى واحد (المسار الوطني) وإلى مصب واحد (بقاء الدولة)
إن الخيارات الدبلوماسية التي تم إفرازها من خلال العلاقات المسمومة حولت الخيارات السياسية إلى حفر جرذان حيث يجتمع كل شخصين ومن خلال علاقات و مال سياسي قذر بالتأثير على مراكز صنع القرار و الذين يمتلكون المشروعية في إتخاذ مسارات قادت إلى هذا النفق.
لا يكفي دعم الجيش بل هناك ماهو أعلى من الدعم، وهو تأسيس مسار وطني سياسي فيه يتحد الفاعل مع خيارات الكتل الوطنية في رسم ملامح سياسية واضحة تستند على أساس الإنحياز لبقاء الدولة وسيادتها الوطنية.
لقد قام المجتمع بالدور المنوط به على أكمل وجه وحتى هذه اللحظة يقدم المجتمع السوداني بكافة أطيافه نموذج التضحية في الحفاظ على الدولة من واقع المصير المشترك وجب إلتقاط هذه المسار و الذاهب به بعيدا عن الآفاق الضيقة التي تشبه الممارسة السياسية لطلاب الجامعات.
حينها لن نخشى على تحريف المستقبل أو ضياعه لأننا نمتلك الارادة السياسية الكافية من أجل بناء مستقبل وطني وعلى أسس مشتركة لا تعبر الأزمة وإنما تمحي جميع آثارها وتفكك جميع تناقضاتها وتتجه إلى الادوات الدستورية في إنتاج الحل و إدارة الصراع.
حسان الناصر