(1) كنت أظن أن بعض الإشارات في بيانات مجموعة احزاب وكيانات قحت وتقدم هي مجرد تلميحات عابرة وحين تمعنت تبين أن الأمر خط عام ، وبإصرار واضح ، وجاء بعد أكثر من اسبوع من سقوط مدني عاصمة الجزيرة ، ومع أن فظائع المليشيا لم تتوقف ، ولكن هذه القوى رأت فجأة إصدار بيانات تبدو وكأنها إدانة لممارسات المليشيا ، ولكنها في الحقيقة تركز على ثلاث نقاط أخري ذات أهمية بالغة ، وتكشف الادوار الخبيثة لهذه القوى فى زيادة آلام الشعب ، ولم يكتفوا بالإبادة والعنصرية والقتل على الهوية ونهب الاموال وتهجير الآمنين ، وأرادوا أن يضيفوا إليها الخنوع والاذلال وكمثال لذلك نورد مما جاء فى بيان حزب المؤتمر السوداني وهيئة الأنصار ، النقاط التالية :
اولا: رفض دعوات التعبئة والنفير ، ووصفها بأنها زيادة في وتيرة الحرب ، وتوسيع رقعتها…
ثانيا: التعايش مع الواقع الجديد ، مع دعوة قيادة المليشيا للوفاء بتعهداتها ورد المنهوبات ، والخروج من القري..
وثالثا : وتشكيل لجان مجتمعية ، كما ورد بوضوح في بيان هيئة الأنصار ، والتواصل مع قيادات المليشيا ، وهو توجه الرضاء بالأمر الواقع..
وكل ذلك يشير لحقيقة واحدة ، أن التعبئة العامة خلقت حالة من الذعر في أطراف كثيرة وأدت إلى فشل الحرب النفسية والاعلامية ، بل والمخططات والأجندة السياسية ، ويعزز ذلك مجددا ، أن المليشيا تستعين بحواضن سياسية واجتماعية وخلايا نائمة ..
(2)
وبتفصيل أكثر فقد أصدر حزب المؤتمر السوداني بيانا أدان فيه جرائم المليشيا في مدن ولاية الجزيرة وقراها ، وقال أن الممارسات تخالف التعهدات ، وكأنهم يصدقون أقوال المليشيا وقد عميت أعينهم عن افعالها طيلة 9 أشهر مارسوا فيها كل أنواع الجرائم وأبشع الفظائع في حق الإنسانية من إبادة جماعية وتطهير عرقي وسلب ونهب.. وكأن حزب المؤتمر السوداني في حالة مفاجأة مما جرى في الجزيرة..
ذلك ليس مربط الفرس ، وإنما الفضيحة في فقرة (إدانة التعبئة العامة والمقاومة الشعبية) ، ووصفها بإنها إطالة لأمد الحرب ، وبهذا يطالب حزب المؤتمر السوداني من المواطنين مد روؤسنا للقتل واعراضهم للإنتهاك وأموالهم للسلب وتاريخهن للتشويه وارضهم للمحتلين الجدد ، وهذه دعوة اخري ليست للتعايش فحسب ، وإنما الخضوع بذلة والإنحناء والتسليم للمتمردين والاوباش تحت ذريعة إيقاف الحرب ، وحزب المؤتمر السوداني وقادته يعلمون إن ايقاف الحرب يبدأ من ايقاف المرتزقة إجتياح المنازل والبيوت والأعيان المدنية ، وإيقاف جلب المرتزقة من انحاء الدنيا لتدمير بلادنا ووطننا وتشريد أهلنا..
يا للعار وللخيبة ، حين تختبيء المواقف المخزية خلف الشعارات البائسة والأقوال الجوفاء..
إن المواطنين يقاتلون عند بيوتهم ودورهم ولحماية الأعراض فهل هذا مما يغيظ قادة المؤتمر السوداني ، وامثاله من زمرة كسالى الحلول الأجنبية..
ربما غلب على حزب الأمة القومي أو بعض قيادته دعم المليشيا وإسنادها ، وقوام جندها من مناطق نفوذه ، وارتباطات الحزب الإقليمية مؤثرة في قراراته ، فماذا حدث لحزب المؤتمر السوداني ؟ إلى أين هذا الإنسياق الأعمي بلا بصيرة ودون وعي..
كلا ، لم يكن بيان ادانة ، وإنما مرافعة ضد التعبئة العامة والمقاومة الشعبية.. هذا لحن القول وبؤس المواقف..
(3)
وعلى ذات النسق جاء بيان هيئة شوؤن الأنصار هذه المرة ، وبذات مفردات حزب المؤتمر السوداني مع إختلاف في :
– إعطاء الصبغة الدينية في البيان..
– ودعوة القيادات المجتمعية وطرق الصوفية للتواصل مع المليشيا لتأسيس ادارة محلية وتطبيع الحياة مع المحتلين..
– وأضافت هيئة الأنصار إشارة تبعيضية حيث جاء في بيانها (إن بعض قوات الدعم السريع الخ) ، ومتناسين أن ذلك مسلك هذه المليشيا ، ألم يسمع قادة حزب الأمة وهيئة الأنصار بما جري في الجنينة وزالنحي والرهد وأم روابة و مناطق كثيرة وجلهم من أبناء الأنصار والمهدية..
– دخول هيئة شوؤن الأنصار على خط السياسة المباشر ، وقد ظلت صامتة طيلة 9 أشهر سوي بعض إشارات دكتور محمود أبو عن الصبر والإبتلاء وإعتزال الفتنة ، ولكنهم فجأة أحتلوا سطح المركب وقد تبين أنها غارقة بسبب النفير ، وبسبب المقاومة الشعبية..
(4)
هذه البيانات مقرونة مع تغريدات سابقة وتصريحات للمهندس ابراهيم الميرغني ، وعرمان وآخرين تدلل على حقيقة أن قحت تسعى لتسويق فكرة حكومة الأمر الواقع ، والرضاء بالمحتلين ، وهذا هو خطهم السياسي ومنهجهم ، ولذلك فإن الحاضنة السياسية (قحت) و(جوع) كلهم شركاء فى الجريمة ومتآمرون على وطننا وبلادنا غير عابئين بمعاناة شعبنا ونزوحهم وتدمير البنيات ورضوا أن يكونوا مرشدين أمام خيول البغاة وخلفهم يلتقطون فتات المواقف.. شاهت الوجوه..
ويبقى الرد الوطني الجهير هو المزيد من النفير والمقاومة ، ذلك ميراث الشرف ونخوة الرجولة وشرف الأمة وفوق ذلك راية الحق..
هذه الرسالة الاقوى في وجه المعتدين والمتآمرين ، بل ودعوة للقيادة السياسية قطع الوصل مع هذه الفئة الخائنة ومحاصرة الخلايا النائمة..
قوموا على وطنكم.. حي على الفلاح
د. ابراهيم الصديق علي