🔴 جائزة سلام نوبل لم تصنع سلاما بل صنعته “البيرقدار”

لن أتنازل عن صحن” إستيل”!
رويداً رويداً! بدأت سحابة الزيف الإعلامي التي كانت تروج لها المليشيا أثناء معاركها تتضح، وأن إستراتيجيات النصر التي كانت تنشر عبر الأبواق الإعلامية لها تتهدم، وهذا يظهر من خلال مستويات مختلفة ومتعددة.

فالمليشيا قامت بتعيين شخصيات إعلامية ميدانية سرعان ما تحولت إلى قيادة إعلامية ومتحدثين رسميين، وهؤلاء ما هم إلا نماذج لجنود يقومون بالتصوير و إستخدام البث المباشر، وعلى هذا الأساس ظهر لنا متحدث رسمي بإسمها يدعى ” الفاتح قرشي” الفاتح نموذج للشخص الذي ظل يحاول جاهدا أن يصنع نصر عسكري يتطابق ويتوافق مع مقولات مستشاريهم و حلفائهم السياسيين، ليثبتوا لأنفسهم أولاً ومن ثم يصدقوا كذبهم السياسي.
هذا النموذج في الأساس يرتبط إرتباط وثيق مع شكل الممارسة السياسية لقوى إعلان الحرية و التغيير، والسلوك السياسي الذي ترفع به الكوادر، حيث إعتمدت ممارساتهم السياسية على حجم الإشاعات الإعلامية ومن يقوم بترويجها، فقربت بعض الكوادر لديهم من مراكز القرار بناء على هذه الدعايات، وأصبح التضليل سمة العمل السياسي لديهم.

حتى تكشفت حُجب الحقيقة، وإتضح أن هؤلاء ماهم إلا نواتج خديعة، لا يمكنهم إدارة الدولة عبر الفيس بوك، والحسابات الشخصية، فالدولة لها منطقها العملي و التنفيذي، كما للحسابات العسكرية منطقها وعملها أيضا.

و لربط رؤية المليشيا و زيف الإدعاء بالنصر على مستوى الإعلام ولربط الممارسة التي رفعت بها كوادر ميدانية عسكرية لابد أن ننظر إلى موقفها في التفاوض.

صورت المليشيا أنها متقدمة ميدانياً، وأنها حققت إنتصارات عسكرية، لكن نصرها وإنتصارها ماهو إلا تكتيك على منازل المواطنين وبيوتهم، و إحتلال لها بشكل واضح، لإجبار أو ربما هو تكتيك لم تكن القيادة السياسية و العسكرية تتخذها في الحسبان، أو ربما لتحول بنيوي في طبيعة المقاتلين، وربما إن حاولت القيادة العسكرية و السياسية لهم إخراجهم فسيكون مصيرهم التمرد عليها، وتنكشف عورتهم.

وعلى ما يبدو فإن القيادة العسكرية و الحلفاء السياسيين بأن تروجها من إنتصارات لم يكن وفق خطة إستراتيجية عسكرية، وإنما محاولة تحقيق مطالب سياسية، وهنا لا أنكر أنها لم تسقط معاقل عسكرية مهمة للجيش أو تسيطر على مواقع عسكرية، ولكن ما قيمة السيطرة العسكرية من غير أن تمتلك رؤية كاملة و واضحة لطبيعة ما تقوم به.

ولا أريد أيضا من حديثي هذا أن أقول بأن الجيش و المؤسسة العسكرية، و القيادة العسكرية معفية من واجب حماية المدنيين، فنحن لن نصفق الآن (حتى نرى الأغلاق في أعناق الخونة )وهذا يأتي من موقعنا الذي يرى أن هذه المعركة كان يجب أن يتم تفاديها منذ ١١ أبريل ٢٠١٩ وحتى إن حدثت كان يمكن بأن تكون بأقل تكلفة، و أن هناك إستراتيجيات غُيبت نتيجة لقصور في القيادة العُليا للدولة بعد سقوط النظام.

ستحاول المليشيا و يحاول الحلفاء السياسيين لها تصوير بأن خروج الدعم السريع من بيوت المواطنيين مسألة ثانوية، ولكنها الأساس الذي كشف قناع هذه الحرب وكشف أن نوايا الحلفاء السياسيين يريدون السلطة فوق جماجم الشعب، وأن ما إرتكب من مجازر لن يثني المليشيا من فعلها.

ببساطة لأن هذه المعركة هي بالوكالة ومعارك الوكالة لا تنظر للخسائر المباشرة أو معاناة الشعب بل تريد أن تصل إلى غايتها وهو نموذج واضح جدا ويظهر في سياسات الحصار، و أيضا سياسات الوكيل الخارجي للمليشيا.

إن خروج الدعم السريع ومحاسبته على الجرائم التي إرتكبت ضدنا كمواطنين وضد ممتلكاتنا و تعب سنوات الآباء و الأمهات، ودماء الذين دفنوا في أردمتا و قتلوا في الجنينة و كاس و هجروا من أم روابة ومعسكرات الحصاحيصا و زالنجي، و الذين يموتون في أدري و أبشي وداخل المدارس في الولاية الشمالية و نهر النيل و الجزيرة، هو ما يجب أن يكون عليه الحال.

وإن أي تنازل عن هذه الأجندة لهو تفكيك للدولة و للشعب السوداني وإستباحة لهم غدا سيأتي من ينتهك و يرتكب الجرائم ويدخل المؤسسات ورموز السيادة الوطنية ويطالب فوق هذا بالمناصب و الإمتيازات، تحت دعاوي سموها كما تريدون. لذلك إن هذه المعركة لهي لحظة فارقة لنا كجيل وكشعب. وإن كانت هذه الرؤية الكلية لا تعني البعض فأنا عن نفسي لن أتنازل عن صحن ” إستيل” لهذه المليشيا، لذلك ليخرجوا لنا من منازلنا ونريد حقنا كاملا!

إنني أرى بصورة شخصية أن هذه المعركة لن تنحسر إلا بحل عسكري واضح شروطه تتوافر مع مرور الوقت، وسبب هذه الرؤية أنها تقوم على تجارب الحروب المحيطة بنا وهي الحرب الأثيوبية الأخيرة لم يتم السلام أو التنازل إلا بعد أن تم إنتصار مكتمل للحكومة وهو ما يجب أن يكون عليه الحال، فجائزة سلام نوبل لم تصنع سلاما بل صنعته ” البيرقدار”

حسان الناصر

Exit mobile version