يس على يس: من كل فج عميق

الآن كل الأماكن جيش، وكل العاصمة تشهد زحف الكاكي الأخضر بهدوء يشبه وقار الجيش السوداني العتيق المحترم المحترف، الجيش بصدره الواسع وصبره الحكيم الذي صبر طوال أوان الحرب على كل الأذى وكل التشكيك، وكل التخوين، وظل يعمل في صمت وفق استراتيجيات عسكرية مدروسة ومحددة لم يحد عنها مطلقاً، حتى جاء اليوم الذي بدأ فيه بالانتشار، ولعل الخرطوم الان تتنفس، وبحري تبتسم، وأم درمان تتنهد وهي ترى بداية زوال الغمة ونهاية التمرد وانتشار جيش هذه الأرض وهذا الوطن، واستعادة عافية العاصمة رويدا رويدا حتى الإعلان الرسمي الكبير قريبا.

□ موكب من الشهداء الأبرار عرج إلى السماء، قدموا أرواحهم رخيصة فدى لهذا التراب لواءات وعمداء وعقداء وكل الرتب حتي الجنود والمستنفرين.

□ زف الشيخ علي ابن الشيخ الراحل صالح نصر إبن الصحافة 40 إلى الملكوت الأعلى وهو يدافع عن المدرعات، وانتقل الشهيد حسن جمال كنوزي ابن الصحافة 28 في ثغر من الثغور وهو يقدم الروح رخيصة فدى لهذا التراب، وودع الشيخ حذيفة اسطنبول إلى الرفيق الأعلى وهو يقاوم الجراح ليعود إلى المعركة ولكن النداء كان أعلى، وغيرهم كثر في سوح النضال والدفاع عن الأرض والعرض.

□ الجيش الذي التزم خنادقه كل تلك الشهور يصابح بالموت ويماسي به، لم يتضجر، لم يرتجف، لم يتراجع، بل ظل على الدوام يصدح بالتكبير والتهليل ليشق عنان السموات، ويقول إن كلمة التوحيد عصية على السحرة والبغاة والمعتدين، وأن السودان أمانة في أعناق كل من مر بأراضي التمام، وعرف معنى الوطن والعقيدة القتالية، ومعنى أن تكون جيشا يحمي البلد.
□ ستظل قبعاتنا مرفوعة لقيادات الجيش من البرهان وحتى آخر قائد ميداني، ولكل الجنود الذين ماجت صدورهم بالغيظ على تطاول الأوباش اللقيط فطالبوا بفك اللجام، ولكن القيادة الحكيمة لا تنجرف وراء الانفعالات، لأنها تدرك أن جندي واحد في القوات المسلحة هو أغلى من الذهب الذي يسيل عليه لعاب أؤلئك اللصوص الذين يموتون من أجل المال بضاعة رخيصة لمن يدفع، وتدرك القيادة أن جندي واحد اقيم من لواء كامل من هؤلاء الشرذمة الحاقدين اللقيط.

□ لن يضيرنا يوما إن أفرغت منازلنا من كل شيء، حتى الطوب والبلاط، فهو لن يكون أغلى عندنا من الأرواح التي بذلت والدماء التي سالت، لن تكون أغلى من حتى ساعة هجوم بربري أرعن على إحدى حاميات جيشنا الحبيب، لذلك فلتذهب أموالنا وممتلكاتنا في سبيل الله وليبق جيش الوطن واحدا موحدا والله المعوض.

□ من اليوم وما يليه من أيام ستتغير الموازين، وستتغير خارطة الأشياء، وسنشهد الهروب الجماعي للأوغاد، ولكن هيهات، فقد فات أوان الاستسلام والعفو، وبانت لحظة الحقيقة والحساب ولد.

وتبقى المنظومة الدفاعية الوطنية وكل رجالاتها في حدق العيون، وهم يدبجون كل سلاح بصنع في السودان، ليحمي هذه الارض، ولعل ما بعد الحرب ستتغير النظرة القاصرة القحاتية لميزانية التسليح، وسيفكر الناس بعقول بشر وليس قحاتة.

□ لم يتبق الكثير، نحتاج فقط إلى قليل صبر وكثير دعوات لينتصر جيشنا ونعلن الخرطوم خالية من التمرد ويعود الناس لرحلة التعمير الجديد وبالسياسة الجديدة لسكان الخرطوم.
□ لن تعود الخرطوم كما كانت قبلة للضالين، وتسعة طويلة والمجرمين.

□ اصبروا ….
□ وصلي اللهم وسلم علي قائد القادة، وسيد السادة وعلي اله وسلم.
□ اللهم اغفر لي ولوالدي.. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.

يس على يس

Exit mobile version