#يا_مُشفشفين_خذو_العبرة_من_ثابت_بن_النعمان
كان بن النعمان رجلاً عابداً زاهداً في الدنيا، فقيراً لا يملك من حُطامها شيء، وبينما هو يمشي ذات يوم في شوارع الكوفة، بلغ به الجوع مبلغاً، فلم يجد ما يسد به رمقه، وهو لا يملك ما يشتري به الطعام، وإذ به يتعثر على بستان ظليل نضجت ثماره حتى سقطت على الأرض، فأخذ ثابت تفاحة وقضم منها قضمة، لكنه فجأة تذكر أنه لم يستأذن صاحب البستان وأكل مما لا يحق له، فشعر بالذنب، وذهب يبحث عن صاحب البستان، من شارع إلى أخر وعندما وصل إليه طرق باب الدار، فخرج إليه وأخبره ثابت بالقصة بيد أن صاحب البستان رفض أن يسامحه، وقال إنه سيحاججه يوم القيامة، لكن ثابت لم يغادر مكانه، فهو شديد الورع، ويعرف حقوق الناس، وأن الله سوف يحاسبه، وهو الذي قرأ قوله تعالى “وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين”، فظل ملازماً لباب صاحب البستان يبكي، حتى خرج له مرة أخرى عند صلاة المغرب، وقال له سوف أسامحك بشرط واحد، هو أن تتزوج ابنتي، وحتى لا أخدعك فإنها كفيفة بكماء، صماء، وقعيدة، إن وافقت سوينا الأمر بيننا. ما هذا الشرط القاسي يا نعمان، تفاحة لم تسد رمقك تكلفك كل هذا؟ لكن ثابت ممن يخافون الله، ويعرف أن الحساب عسير يوم لا ينفع مال ولا بنون، فوافق وفوض أمره لله، وعندما دخل على بنت صاحب البستان، سلم عليها، فقامت وردت السلام على زوجها، ووجدها سليمة، في غاية الجمال، كالبدر عند تمامه، وقال بعد أن أخذته الحيرة، لماذا كذب عليّ والدك؟ قالت له لم يكذب، لكن عرف أن من يخاف الله في تفاحة لا يحق له أكلها سيخاف الله في بنته، وأنا بالفعل عمياء عن النظر إلى الحرام، وقعيدة عن الذهاب إلى ما لا يرضي الله، وبكماء لا اتكلم في الناس، وصماء لا أسمع ما يغضب الله، فتهللت بشائر النعمان لهذه الزوجة المباركة، وأنجب منها رجلاً صالحاً وعالماً طبقت شهرته الآفاق، أتدرون من هو؟ إنه الإمام أبو حنيفة النعمان.
فهل يعتبر من ينهبون بيوت الناس في الخرطوم وغيرها بحجج واهية ويأكلون أموال الناس بالباطل!
عزمي عبد الرازق