(١).
توالت عمليات الانسحاب المنظم لقيادات الفرق وحاميات القوات المسلحة من ولايات دارفور بعد سبعة شهور من الصمود والبسالة والمصابرة في دائرة جغرافية يشكل نسيجها المجتمعي إما حواضن للمرتزقة، او في حالة الحياد السلبي ، في ظل شريان امداد يمتد من ليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى وجنوب السودان يغذي مليشيا اسرة ال دقلو التشادية بالسلاح والمرتزقة واللوجستيات القادمة من دويلة الشر الامارات مع حالة انهاك واستنزاف وحصار ونفاد للذخائر واللوجستيات وضعت قواتنا الباسلة المرابطة هنالك امام خيارين اما القتال حتى الموت او المحافظة على الافراد والعتاد البسيط والانسحاب التكتيكي في المدى القصير لتحقيق اهداف تصب في تحقيق الانتصار الاستراتيجي على مليشيا ال دقلو الارهابية وهو الخيار الاجدى .
لذلك ارى ان يستمر الجيش السوداني في الانسحاب من كل الفرق والحاميات في ولايات دارفور لتحقيق مجموعة من الاهداف منها توظيف هذه القوات في حماية بعض المدن الكبرى والمواقع الاستراتيجية في ولايات شمال دارفور وغرب وجنوب كردفان ، مثل مدينة الفاشر ، ومناطق البترول والطاقة، وتعزيز قوات الهجانة ام ريش لحماية مدينة الابيض وتامين الطريق الغربي الرابط بين الابيض وبارا وامدرمان وسد منافذ طرق امداد المليشيا من دارفور.
وكذلك تصفية جيوب المليشيا بين ولايتي النيل الابيض وشمال كردفان وفتح الطريق الرابط بين مدينتي كوستي والابيض
مع ضرورة تكثيف الطلعات الجوية لتشتيت المليشيا الارهابية وتحييد المطارات في ولايات دارفور .
(٢)
ان انسحاب الجيش السوداني من دارفور سيشكل خسارة تكتيكية ولكنه سيضع المليشيا النازية امام تحديات ادارة الاوضاع السياسية والاقتصادية والخدمية والاثنية في هذه المناطق فهل ستستمر في عمليات السلب والنهب والاغتصاب والقتل والابادة الهوياتية . اما ستطرح مقاربتها السياسية في الحكم وادارة مؤسسات الدولة ؟
ففي حالة نزوع المليشيا للمقاربة السياسية عندها ستبرز تناقضات المصالح وصراع السلطة والنفوذ بين التشكيلات الاثنية والعشائرية والقبلية للمليشيا وحتما سيرتد الصراع الى اقتتال داخلي بين هذه القبائل التي ستضطر لسحب عناصرها من ولاية الخرطوم مما يسهل من عملية تحريرها الشامل.
أما اذا نزعت المليشيا النازية الى السلوك الفوضوي والتطهير العرقي ضد السكان الاصليين في دارفور على النحو الذي تمارسه ضد شعب المساليت عندها ستتحرر حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان من حالة الحياد السلبي واستنهاض مجتمعات دارفور للاصطفاف والقتال الى جانب الجيش السوداني، أما في حالة تقاعس هذه القيادات عندها ستبرز قيادات دارفورية جديدة تقود معركة الكرامة مع الجيش السوداني
(٣).
ربما تنحدر الاوضاع في دارفور الى سيناريو الفوضى الخلاقة وحرب الكل ضد الكل والتي ستمتد اثارها الى دول الجوار ومنطقة غرب افريقيا مما يغذي من عمليات الهجرة غير الشرعية لاوربا ، وتكاثف تجارة السلاح والبشر والمخدرات ، وخلق بيئة جاذبة لانشطة التنظيمات
الارهابية مما يشكل تهديد للامن الاوربي وشمال افريقيا.
ايضا ستسعى اسرة ال دقلو التشادية لفصل دارفور عن السودان واقامة مملكة الجنيد الاقطاعية بدعم اماراتي بعد ان تبخرت احلامها في حكم السودان وذلك لضمان السيطرة على مناجم الذهب والمعادن الاخرى.
ان اقامة مملكة عربية في دارفور سيغري عربان الشتات في تشاد وافريقيا الوسطى وكل دول غرب افريقيا للثورة المسلحة على الانظمة الحاكمة بدعم دويلة الامارات ، وآل دقلو لاقامة نموذج مماثل ومتحالف مع مملكة الجنيد الجديدة في دارفور ، فهل دول الاتحاد الاوربي وخاصة فرنسا على استعداد لمقابلة هذا الطوفان البربري والهمجي والذي سيغير المعادلة الثقافية والهوياتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذه المنطقة ذات البعد الجيو استراتيجي بالنسبة للغرب وفرنسا خاصة ؟؟
(٤).
من منظور المصالح المشتركة التي تحكم مسار العلاقات الدولية فإن تفكيك وتصفية مليشيا اسرة آل دقلو التشادية يصب في تحقيق وحدة الدولة السودانية ، وصيانة الامن الاقليمي لدول الجوار السوداني ومنطقة شمال وغرب افريقيا وايضا صيانة المصالح الجيواستراتيجية لمنظومة دول الاتحاد الاوربي خاصة فرنسا لذلك فان الواجب الاخلاقي وفقه المصالح يحتم على المجتمع الدولي تصنيف مليشيا آل دقلو منظمة ارهابية ، ويحتم عليه تكثيف الضغوط على دويلة الامارات لردعها حتى تحجم عن تزويد المليشيا بالسلاح والمال واللوجستيات، وايضا الواجب الاخلاقي وفقه المصالح المشتركة يحتم على دول الغرب الافريقي خاصة المتاخمة للسودان تشاد وافريقيا الوسطى التعاون مع السودان من اجل تفكيك وتصفية المليشيا الارهابية من جذورها.
سواء ادرك المجتمع الاقليمي والدولي هذه المصالح المشتركة أم لم يدركها فإن ارادة الشعب والجيش السوداني ستصنع الانتصار في ملحمة الكرامة الوطنية وستطارد فلول أسرة ال دقلو التشادية من ولاية الى ولاية ومن مدينة الى مدينة ومن قرية الى قرية ومن حي الى حي ومن بيت الى بيت حتى التفكيك الشامل .
عثمان جلال