شهادات مرعبة لانتهاكات بحق الزرقة في دارفور من قتل جماعي واغتصاب واستعباد وتهجير. الجاني هم الجنجويد.
و من جهة أخرى، عرب دارفور يقتلون بعضهم البعض. السلامات ضد البني هلبة، والسلامات والهبانية، وغداً قبيلة أخرى ضد قبيلة أخرى.
وكل هؤلاء يقولون إنهم يقاتلون الجيش، جيش الدولة المركزية في الخرطوم.
الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجنجويد أن هذه الحرب ستحرقهم هم وحدهم. المعركة مع المركز انحصرت في الخرطوم وانتهت. ستتعافى الخرطوم وبقية ولايات المركز والشرق.
وستدور عجلة الحياة والإنتاج في هذه الولايات قريبا، وستواصل مسارها التاريخي نحو التنمية والتقدم والازدهار، وستتضاعف الهوة الإقتصادية والتنموية والحضارية بين هذه الأقاليم وبين ولايات دارفور الغارقة في دوامة الصراعات القبيلة. فليس هناك صراعات قبلية في هذه الأقاليم، وستبدأ في التكيف مع واقع ما بعد الحرب حتى قبل أن تنتهي الحرب تماماً. سيكون هناك مدارس وتعليم وصحة واقتصاد وتنمية بالتالي.
في المقابل ستغرق دارفور في صراعات بلا نهاية؛ السلاح قد انتشر سلفاً بين القبائل؛ لا توجد دولة هناك. هناك صراع دموي وأحقاد وثارات لا تنتهي. والنتيجة ستكون تدمير التنمية القليلة الموجودة في دارفور، وانهيار التعليم القليل الموجود وتفشي الجهل والأمية والفقر وبالتالي المزيد من التخلف. هذا ما سيحدث إن لم تتوقف هذه الحرب. وتعود الدولة بجيشها النظامي الموحد القوي لتفرض هيبتها في الإقليم. لو كانت قادة الجنجويد حريصون بالفعل على أهلهم لألقوا السلاح بدون شروط واستجدوا الجيش ليعود وتعود معه الدولة وكل أهل السودان ليساعدوا في انتشال إقليم دارفور من الهوة السحيقة التي ينحدر إليها. تحتاج أن توقف الحرب أولاً ثم تبدأ في نزع السلاح من المليشيات ومن المواطنين لتضع حداً لحروب الجميع ضد الجميع هناك. هذه أهم خطوة. ثم بعد ذلك نتكلم عن الحكم وعن التنمية.
دارفور وضع لا يشبه دولة جنوب السودان التي انفصلت وأصبحت دولة في النهاية رغم كل شيء. الفارق الأساسي هو أن الجنوب كان فيه جيش نظامي كبير قادر على السيطرة على البلد هو الجيش الشعبي. لا توجد مقارنة اولاً بين الجيش الشعبي وبين مليشيات الجنجويد. حرفياً كان الجيش الشعبي يحتكر العنف في جنوب السودان. في دارفور الوضع مختلف. القبائل مسلحة وهي أقوى من الوهم الذي اسمه الدعم السريع والذي لا وجود له بدون هذه القبائل. لن تستطيع مليشيا آل دقلو احتكار العنف والسلاح في دارفور لتذهب خطوة للأمام نحو تأسيس دولة أو شبه دولة في دارفور. هذا بالإضافة إلى التناقض الإثني بين العرب والزرقة وللزرقة أيضاً حركات وسلاح، وكذلك هناك صراعات قبلية بين العرب أنفسهم ضد بعضهم. هذا يعني استمرار إقليم دارفور في دوامة من العنف والفوضى بلا نهاية قريبة. لن تصبح دارفور دولة، ولن تستطيع هذه المليشيات القبلية التي يقتل بعضها البعض أن تهزم الدولة المركزية بجيشها ومؤسساتها وشعبها. كل ما سيحدث هو أن لعنة الحرب ستنحصر في دارفور وحدها. بينما تستمر الحياة في باقي السودان. فهل هذا هو ما يريده أبناء دارفور؟
ما زال في الإمكان منع هذا السيناريو، لمصلحة دارفور أولاً قبل كل شيء. وذلك بالقول كفى لأبناء دقلو. يكفي هذا الخراب إلى هنا، ويجب عليكم وقف هذه الحرب. لا يمكن أن يسمح إقليم كامل مثل درافور بكل ثقله وتاريخه لعائلة عميلة مرتبطة بأجندة خارجية أن تقوده للدمار بهذا الشكل.
حليم عباس