□ قبل أيام غادرت أمي مدينة القاهرة، بعد أن مكثت فيها زهاء الستة أشهر بعد اندلاع الحرب في سوداننا العزيز، نسأل الله أن نعود إليه قريبا.
□ كان حجز أمي على شركة النيل للطيران، وهي شركة طيران مصرية خاصة تتخذ من مطار القاهرة الدولي مركزا لعملياتها.
□ انتهت أمي من إجراءات التذكرة و شحن العفش، وجلست تنتظر النداء للصعود إلى الطائرة.
□ سمعت النداء، فتحركت مع الجميع نحو البوابة لركوب الباص المتوجه إليها.
□ وصل الباص ونزلت أمي لتتفاجأ بأنها أمام طائرة تتبع للخطوط الجوية السودانية،ومكتوب عليها ( حنبنيهو ).
□ وقفت أمي لوهله تتأمل الطائرة، لتسيل دموعها غزيرة على خديها.
□ بصمت صعدت على سلالم الطائرة مع الجميع، فاستقبلتها المضيفة مبتسمة لتوجيهها إلى المقعد.
□ نظرت المضيفة إلى أمي، ففاجأتها الدموع، فقالت لها أميا: يا سلام نحن لسه عندنا طيارة بي إسمنا!
□ فاحتضنتها لتدخلا في نوبة من البكاء بصوت مرتفع.
□ هرول على إثره كل طاقم الطائره والكابتن ليروا ما هي أسباب هذا البكاء والعويل.
□ ليشاهدوا منظر أمي تحتضن المضيفة وترثي حال بلادها.
□ فيدخل جميع الطاقم في نوبة من البكاء، وسط دهشة وتعجب المسافرين من الجنسيات الأخرى.
□ تأخرت الطائرة عن الإقلاع بضع دقائق، إلى أن جفت مدامعهم وواسوا أمي.
□ فذهبت إلى مقعدها في الدرجة السياحة، ليحضر كل الطاقم والكابتن ويقوموا بحمل أمتعتها ويصروا عليها بأن تجلس في درجة رجال الأعمال، ويقوموا بخدمتها طوال الرحلة.
□ الطائره تتبع للخطوط الجوية السودانية، وعند بداية الحرب كانت في القاهرة فنجت من الدمار فاستأجرتها شركة النيل للطيران بكل طاقمها السوداني…
□ وأصالة عن نفسي ونيابة عن أخواتي وأسرتي اشكر كل طاقم هذه الطائرة على طيب مشاعرهم ورقة قلوبهم وحسن تعاملهم. □ وإن شاء الله نعود قريب لي سودانا وحنبنيهو.
أ. يوسف العركي: