عيساوي: الهرج الدارفوري

دارفور تقابة القرآن وكسوة الكعبة. ذلك هو تاريخ أهل دارفور. (فخلف من بعدهم خلف) أضاعوا دارفور بكل تاريخها المشرف. تمردت على الدولة وفق نظرية الهامش والمركز. ولكن الحرب الحالية أثبت بطلان تلك النظرية. وكشفت عن حقيقة المواطن الدارفوري. العرب دمروا المركز حقدا من عند أنفسهم. وأعادوا تاريخ التعايشي الأسود في دار صباح (بلد الجلابة). أم زرقة أعلنوا الحياد. وهذا الموقف المخزي شكل رأي عام لدى مواطن دار صباح بأن الحياد علامة الرضا. وبناء على ذلك تعمقت الفجوة المجتمعية بين دارفور ودار صباح.

ولكن هل بمقدور دارفور التعافي من محنتها الحالية بعد أن تحولت الحرب من الخرطوم لدارفور؟. في تقديرنا لا وألف لا. دارفور منقادة لشيطان المصالح. فقد وصلت الأمور مرحلة الاسترخاص البشري. وهي أدنى مراحل الوعي والإدراك والتعقل الآدمي (بل هم أضل). وعما قريب يبدأ التطاحن (عرب ضد عرب… عرب ضد أم زرقة… أم زرقة ضد عرب… أم زرقة ضد أم زرقة).

لأن الإدارات الأهلية في سوق الله أكبر إلا من رحم ربي. والمثقفون يقتاتون بثدي خلق وإطالة الأزمات. والسياسيون همهم الأوحد مشروع استثماري في دار صباح (المناطق الآمنة) ومنزل بالخرطوم. وقادة الحركات هدفهم وزارة وبيت خرطومي. سكان فضلوا حياة المعسكرات على العودة لقراهم. أي: إقليم تبدلت فيه كل قيم الماضي. وأصبح (عالة) على الدولة السودانية. وإن جاز التعبير (ترلة محملة بالأزمات ومبنشرة في وادي الخلافات).

لذا ما عادت خزينة دار صباح تتحمل فاتورة تنمية دارفور التي تذهب لذاك الجيش الجرار من عطالى السياسة. وحقيقة الأمر أن الإقليم استبدل نار القرآن بنار الحرب. ونؤكد أن القادم أسوأ وفقا للمعطيات. ولطالما حكى لنا القرآن بأن اليهود تاهوا أربعين سنة. فإن مستقبل دارفور مظلم إذ دخل الإقليم في حقبة الهرج الممنهج منذ اليوم. وخلاصة الأمر تلك هي المأساة على حقيقتها. وليت الدارفوريين يعلمون إنه (ما حك جلدك مثل ظفرك).

ولتجاوز عهد الهرج الحالي لابد من الحل المحلي. أما انتظار حل من الخارج فيعني سنين التيه اليهودي. وليتأكد الدارفوريون بأن دار صباح بعد أن فعل بها الدارفوريون ما فعلوا ما عادت بتلك السماحة وطيبة النفس أن تقتطع من لبن أطفالها وحقنة ملاريا مريضها أن تدفع فاتورة سلام جوبا أو غيرها من الاتفاقيات (المهببة). حتى وإن أدى ذلك للانفصال. أي: انتهى زمن اللعب السياسي. لأنه ليس هناك تمرد وحرب على الدولة السودانية أكبر من حرب حميدتي الحالية. فليغني الدارفوريون (براي سويتا في نفسي).

د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
السبت٢٠٢٣/١١/٤

Exit mobile version