⭕لا تفاوض إلا إذا كان النصر في جيبك
التفاوض بدون نصر هو تقسيم كعكة
💢رغم التكتم الذي يكتنف طبخة التسوية الدولية المعروفة سلفاً والتي أشرنا إلى معالمها في مقال سابق .. غير أننا على ضوء استقراء ما يجري نتوقع في هذه الجولة مناقشة
وقف إطلاق نار غير طويل الأمد وقابل للتمديد بذريعة الأغراض الإنسانية ، وسيتميز بوجود مراقبين دوليين بدعوى التحسُّب لعدم فشله كما الهُدَن السابقة ، ولاشك أنه إن تم فسيكون استنساخاً مُحدَّثاً لكارثة *عملية شريان الحياة أبريل ١٩٨٩م *Operation Lifeline Sudan ، والذي سيعني ضمناً تقسيم السودان لمناطق نفوذ مُعترفٍ بها ، ومأسسة لوجستية للدعم السريع ، مع استدامة الضغوط للتمديد المتكرر ، أو تقبُّل مسئولية إعادة تجدد الحرب ،
من المتوقع كذلك أن يقوم الدعم السريع بإعلان حكومة من جانبه تباشر عملها في مناطق سيطرته لإجبار الطرف الحكومي على مناقشة المحور السياسي ورضوخ الرأي العام الشعبي للأمر الواقع .. وبذلك يصبح الانتكاس إلى ما يُشبه شراكة أغسطس ٢٠١٩م أمراً واقعاً لا مناص عنه إلا بتقسيم السودان نفسه.
عبدالرحيم دقلو شخصيةٌ مثيرةٌ للاضطراب ، فهو قائدٌ بلا مواهب what so ever ، وفي ذلك هو مشابهٌ لكثيرٍ من الذين يتسنَّمون مواقع القيادة في بلادنا من حيث أن مؤهلاته القيادية لا تزيد عن الحيامن البشرية التي تجمعه بأخيه حميدتي ، والحقيقة أن بقاءه على قيد الحياة أشدُّ ضرراً على المليشيا وسادتها الأجانب وحلفائها مزدوجي الجنسية من مقتله ، وأخشى أن كلما يُقال عن إصابته أو مقتله ليست سوى قصةٍ محبوكةٍ لإنتاجه كبطلٍ أسطوريٍّ يعود من الموت ، فمن جانبٍ سيصنعون له صورةً زائفةً مُأسطرة ، ومن جانبٍ آخر يُشكِّكون في هلاك شقيقه حميدتي لمزيدٍ من استحمار المليشيا ومن يواليها ، ومن ناحيةٍ أخرى لمزيدٍ من صرف انتباه الرأي العام عن عظائم ما يجري نسيجه في جدة .. وما يدعم هذا الرأي هو أنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها تداول أسرِه أو إصابته أو مقتله .. ولا أظنها ستكون الأخيرة ،
وإن كل متابعٍ يُدرك بأن مليشيا الدعم السريع توجهها غرفة تحكمٍ أجنبيةٍ من خارج الحدود ، وهي تسيطر على المليشيا وقادتها بوسائل متعددة قد جرى تطويرها خلال سنوات ، وثبت أنه يستوي لدى غرفة التحكم هذه وجود حميدتي نفسه أو غيابه ناهيك عن عبدالرحيم ، ومعلومٌ أن الذين أنشؤوا هذه الغرفة ويديرونها لهم أهدافهم الإستراتيجية والتي هي أكبر من أطماع عائلة دقلو ، وأوسع من طموحات ذراعها السياسي (قحت أو جوع) ، وأعمق مما يظنه البعض ، ولا علاقة لها إطلاقاً بأشواق السودانيين.
قصة الضفدع المسلوق هي من القصص المجازية الشائعة ، وخلاصتها (لمن فاتته) أن الضفدع سوف يقفز فوراً عندما يوضع في ماءٍ حار ، ولكن إذا تم وضعه في ماءٍ معتدل الحرارة ، ثم جرى تسخينه بشكلٍ تدريجي ، فإن الضفدع سيبقى متحمِّلاً للحرارة حتى يموت مسلوقاً .. وهو ما يحاول البعض تطبيقه على الشعب السوداني حالياً ..
والحقيقة أن هذه الفلسفة استفزَّت عُلماء الأحياء فقاموا بإجراء العديد من التجارب العَملية والعِلمية لمعرفة دقة القصة المجازية ، وكانت النتائج متباينة وأغلبها أكَّد خطأ هذه الفلسفة التي لم تراعي نسبة تسارع درجة التسخين ، ولم تراعي تباين ردّات الفعل من ضفدعٍ إلى آخر ، ولا شك بأن الإنسان كائنٌ حيٌّ شديد التميُّز والفرادة بحيث يستحيل أن ينطبق على جنسه تعميم Generalization is Inhuman ، والمُتبصِّر في تاريخ رُماة الحدَق سيرى أن ردَّة فعلهم بعد كلما حاق بهم من ضيمٍ وسقوط أقنعة .. ستُفاجئ المُتآمرين بأكثر مما تفاجئوا من الدعم الشعبي الجارف للقوات المسلحة ، ومكرُ أولئك هو يبور.
✍️اللواء (م) مازن محمد اسماعيل