💢ليس هناك خلاف في أن الأزمة التي يمر بها السودان الآن، لم يكن لها مثيل، وما جري، ولا يزال يجري لم يكن يخطر علي بال أكثر الناس تشاؤما، وما يزيد الأزمة تعقيدا أن أكثر أطرافها تسعي للحلول في غير مظانها، وأن كثيرين منهم يعملون حسابا كبيرا لما يمكن أن يكسبوه، ولا يعملون لمصالح الوطن أي حساب.
انقسم الناس هذه الأيام بين من يدعون للحرب، ومن ينادون بوقفها، وكلا الدعوتين لها وجاهتها إذا انطلقت من مرتكزاتها الصحيحة، فالدعوة إلى حرب التمرد ليست مقبولة فقط، ولكنها مطلوبة، وبقوة إذا كانت من أجل نصرة جيش الوطن ودعمه والوقوف معه لحسم مليشيا التمرد التي صارت تحارب كل أهل السودان، وتحارب قيمه وتاريخه وتراثه، وصار الذين يحاربون باسم المليشيا، أكثرهم من غير أهل السودان، وبعضهم لمغانم شخصية، وآخرون يقاتلون لاغتنام الوطن كله، والذين يدعمون التمرد من دول المنطقة العربية والافريقية والأجنبية كلهم خصوم لبلدنا وطامعين في خيراتها وموادها، وهؤلاء قتالهم فرض عين علي كل سوداني وسودانية حتى ينحسم أمرهم تماما، ويجلون من أرضنا وتطهر من دنسهم، وأكثر الذين يقاتلون مع القوات المسلحة، ويدعون إلى نصرتها يفعلون ذلك من هذا المنطلق، ولكن هذا لا ينفي وجود البعض من الذين يفعلون ذلك لاجندة حزبية وسياسية ضيقة، وحتى لا يذهب الناس مذاهب بعيدة، دعونا نسمي الأشياء بأسمائها.
معلوم أن الإسلاميين هم أول وأكثر من هب لنصرة القوات المسلحة، وهم أكثر من احتسب شهداء في هذا السبيل، نسأل الله أن يتقبلهم عنده في أعلي عليين، ويسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وهذا الموقف منسجم مع أدب الحركة، ومع تاريخها الذاخر والمحتشد بالبطولات والتضحيات في سبيل الله والوطن، إلا أن قلة قليلة من الذين لا ينظرون إلى أبعد من تحت أقدامهم يشوهون هذا الموقف العظيم، ويستغل ذلك خصومهم، واعداء الوطن الذين يحسبون كل صيحة عليهم، ويزعمون أن هذه الحرب، هي حرب الإسلاميين، ومن يسمونهم الفلول، ويدعون إلى وقفها فورا، وفي ذلك خذلان لجيش الوطن، وتثبيط لهمم المجاهدين والمقاتلين في سبيل الله والوطن والعرض والمال والولد.
وفي جانب آخر فإن الدعوة لوقف الحرب، دعوة منطقية، ومقبولة ومطلوبة، إذا كانت من باب أن “الصلح خير” ولكن أن يكون دعاة “لا للحرب” وأصحاب فكرة “الجبهة المدنية لوقف الحرب” هم ذاتهم الذين حثوا علي الحرب، وحرضوا لها، ودعموها، ففي ذلك إفساد لدعوة وقف الحرب، وليس خافيا علي أحد أن الذين اصطفوا أخيرا يدعون إلى وقف الحرب، هم ذاتهم شلة مركزية الحرية والتغيير، وواجهاتها حلفاء حميدتي السابقين الذين حرضوه علي الحرب، وهم ذاتهم الذين كانوا يقولون “حميدتي الضكران الخوف الكيزان” فلما انهزم شر هزيمة، وصارت القوات المسلّحة ومن خلفها المجاهدون والمستفرون قاب قوسين أو أدني من النصر الكامل، نشط هؤلاء يعوون “لا للحرب”
فنعم للحرب لتطهير الأرض من دنس التمرد وعملائه، وواجهاته، وداعميه، ونعم للسلام حقنا للدماء، شرط أن يحافظ علي وحدة الدولة، والسيادة الوطنية، ووحدة وتماسك المؤسسة العسكرية، والحفاظ علي قوميتها، جيشا واحدا للسودان كله، لا جيش معه.
✍️جمال عنقرة