الجلابة … 1884م …. الجلابة 2023م ..
مؤتمر برلين 1884م لم ينعقد لتقاسم أفريقيا بل لتنظيم تقاسمها الذي بدأ بسنوات ولتقرير منع النزاعات المسلحة بين الأوروبيين على الأرض في أفريقيا بقاعدة أن الأرض لمن وصلها أولا وعموما فإن الأوروبيين حيثما وصلت قواتهم في أفريقيا قبل مؤتمر برلين 1884م أو بعده فإن أول و أهم ما كانت تقوم به هو القضاء على الجلابة وجودا ونفوذا باعتبارهم الطبقة المستنيرة ثقافيا ودينيا والخبيرة بالتجارة في المجتمعات الأفريقية وكان مجرد وجود الجلابي يمثل خطرا كبيرا على البعثات التنصيرية القادمة حديثا ويمكنك أن تفهم هذه الجزئية لو تذكرت أن الجلابة العمانيين والحضارم كانوا حملة الإسلام لجزر جنوب شرق آسيا ومنها أندونيسيا أكبر دولة مسلمة دون فتوحات عسكرية فوصول التاجر الجلابي هو في حد ذاته فتح ثقافي وسلوكي واجتماعي للمجتمعات الخام.
لم يكن إسم الجلابة منتشرا إلا في سودان وادي النيل وسلطنتي دارفور ووداي اللتين كانتا مستقلتين وقتها إلا أن المعنى التطبيقي للكلمة كان موجودا في عموم أفريقيا خاصة شرق أفريقيا وهو العربي التاجر القادم من عمان وحضرموت والذي يتزاوج مع القبائل المحلية فينتج سلالات هجين تمثل جسر التلاحم بين العرب والأخوال الأفارقة وكان الأوروبيين يكرهون هذا النسل الهجين أكثر من العرب.
كان القضاء على عرب الكونغو وإبادتهم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وقتل سبعين ألف منهم هو الذي مهد لبلجيكا استعمار الكونغو كنشاسا.
الخطط الإستعمارية الكبرى دائما ما يتم التغطية عليها بأسماء وعناوين براقة واليوم 2023م وبإستقراء التاريخ فإن استهداف الجلابة في مركز السودان النيلي بالتشريد والإفقار هو المدخل لدورة إستعمارية جديدة كالحة ممتدة لعقود وليس كما تتوهم أدوات المخطط وحطب نيرانه من أنهم يحطمون دولة 56 ليقيموا دولة العدالة والمساواة.
#كمال_حامد 👓