فقد ورد في الحكمة:
ما وجد أحد في نفسه كبرا، إلا من مهانة يجدها في نفسه.
وما دخل قلب امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك.
ورأس الأدب معرفة العبد نفسه، فلا يغتر بعمله ويعجب به إلا مخذول، ولا يرفع نفسه عن أقرانه إلا مرذول.
ومن عجائب حال المتكبرين أن تجد الواحد منهم ذليلا مهزوزا أمام من هو أشد تكبرا منه، و هذا مشاهد، و كأنها عقوبة له من جنس العمل!
يقول الله تبارك وتعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} الأعراف 146
تدلُّ على أنَّ قلبَ المتكبِّر وبَصيرته يعميهما الله تعالى فلا يَهتدي إلى الحقِّ أبدًا.
ويقول الله تعالى في سورة النحل: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} النحل 22- 23
في الآيتين الكريمتين دلالة بأنه لا يستكبر عن الحق إلا من لم يؤمن بالآخرة، ويكفيه خزيا أن الله تعالى لا يحبه، ومعلوم أن الله لا يكرم إلا من أحبه ورضي عنه.
والشريف كلما إرتفع تواضع، أما الوضيع فكلما إرتفع تكبر، والتواضع هدوء وسكينة ووقار واتزان، إنه بشاشة وجه، ولطافة خلق، وحسن معاملة، وما تواضع أحد لله إلا رفعه.
قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء 215.
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم، وأصله أن الطائر إذا ضمَّ فرخه إلى نفسه بسط جناحه، ثم قبضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفًا لتقريب الإنسان أتباعه
قال سفيان بن عيينة: من كانت معصيته في شهوة فارج له التوبة، فإن آدم عليه السلام عصى مشتهيًا فغفر له، فإذا كانت معصيته من كبر فاخش عليه اللعنة، فإن إبليس عصى مستكبرًا فلعن.
تواضع لله يرفعك، والتواضع انكسار القلب لله، وخفض جناح الذل والرحمة بعباده، فلا يرى له على أحد فضلاً، ولا يرى له عند أحد حقًا، بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله، وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه.
ويكفي الكبر سوءا أنه: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، هذا قول نبينا صلى الله عليه وسلم.
قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، وفعله حسنا؟ قال: إن الله جميل يجب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس ومعنى بطر الحق؟ رده وعدم قبوله، ومعنى غمط الناس احتقارهم.
عادل عسوم