” في ناس عاوزننا نموت هسع عشان ما نموت بعدين”
لقائلِه.
في بداية الحرب قد تكون ملتبسة الأماني/التوقعات المثالية/التطلعات/التفاؤل بإمكانية الخروج بأعظم المكاسب و أقل الأضرار بي أنسب السبُل (سبيل السلمية وإيقاف الحرب بأي شكل وبأي شروط وحتى بدون شروط)، ودي حاجة مفهومة في ظل حدث بي ضخامة وبشاعة ومأساوية الحرب.
لكن بعد مرور خمسة شهور و اللي إتجلى فيها الظهور الاشد قتامةً لمليشيات الجنجويد بي وجهها الإرهابي، و وضوح الطبيعة الوحشية الأكثر إلتصاقاً بي بنيتها الداخلية، وتبيان العقل الجمعي الضابط لي عقيدتها القتالية، و مركزية الغنيمة المحفزة لعملها الإجرامي، كل دا بإستمرار وتتابع -بدون إنقطاع- في الخرطوم ودارفور و بعض مناطق كردفان، بالتدريج من الأخف للأفظع للأفدح للأعظم فداحةً من تهديد وإحتلال منازل ثم سرقة ونهب ثم إعتقالات وتعذيب ثم إغتصاب ثم قتل ثم أخيراً وصلت نهايتها المكررة المخيفة واللا إنسانية -ويبدو الحتمية- بجرائم الإبادة الجماعية والإبادة على أساس العرق.
بعد مرور الفترة دي وشوف الناس رأي عين وشهادة واقع، بقى من البداهة وضوح خلاصات ونتائج إستلام الميليشيا لبعض مناطق الدولة وشغلها الدائم على إستلامها كلها (و الإستلام دا الخيار الإتبنتو المليشيا عبر تصريحات قائدها الرسمية والمتكررة بالنصر أو الشهادة)؛ في حال إنو دا حصل ف نحن موعودين بجحيم إبادات جماعية على أساس العرق/المنطقة/الموقف السياسي ، و بالطبع إبادة على أساس الموقف من وجود الميليشيا.
كل مآسي الميليشيا [و إصرارها على تكرار المآسي، و الكذب المتكرر و إنكارها للمآسي دي] في الخمسة شهور الفاتت حوَّلت أسئلة على شاكلة “من أطلق الطلقة الأولى” و زي “هل الجيش عندو إنتهاكات ولا لا”، حولتها لي مماحكات لفظية ساي بتنفع في الجدل بين مثقفين كلاسيكيين، لكن ما بتنفع مع زول تم تشريدو و سحلو و تعذيبو و قتل أعزائو، هنا ال common sense و ال first order intuition و ال ground facts كلها دي أصدقُ أنباءً من الكُتب.
رجوعاً للإقتباس المتفائل في البداية دا، وتحت شعار “موت الجماعة عرس”، في الحقيقة يبدو إنو في ناس كانو دايرين يلغو “احتمال” نجاتنا حسة لي صالح “ضمان” موتنا كلنا بعدين.
كتب علي البدري Ali AlBadri