الموقف الداعم للحسم العسكري ليس موقف الكيزان لوحدهم. هو موقف فئات كتيرة غيرهم. تريد أن تقول “لا للحرب”؟ هذا من حقك. لكن كن شجاعاة وواجه الشعب السوداني ولا تتخفى وراء محاربة الكيزان. سحق المليشيا هو موقف الكيزان وموقف عساكر الجيش بما في ذلك البرهان نفسه (حسب ما أعلن أكثر من مرة) وهو موقف اغلبية السودانيين. واجه كل هؤلاء بموقفك واخرج للشارع إن شئت.
ولكن اتهام الكيزان بأنهم وراء الحرب عبارة عن موقف كسول وجبان وهو نفس موقف المليشيا وحلفاءها، ولذلك فهو موقف مشبوه أيضاً.
هذه ليست حرب نظامية. هناك مليشيا تقتل وتنهب وتغتصب وارتكبت جرائم في الخرطوم وفي دارفور، وقد ترقى إلى الإبادة الجماعية في مدينة مثل الجنينة. المليشيا من فعل ذلك وليس الكيزان.
وقف الحرب يقتضي وقف جرائم المليشيا المستمرة، يقتضي قبولها بالخروج من الأحياء السكنية واستعدادها لتنفيذ ذلك، ويقتضي التزامها بإنهاء التمرد وإنهاء معاناة الناس المترتبة عليه بدون ابتزاز، بدون مطالبة بكاسب سياسية في مقابل ذلك. الواضح الآن هو أن المليشيا وحلفاءها يسعون لتحقيق مكاسب سياسية من خلال معاناة الناس، وذلك برفضها لتنفيذ إعلان جدة القاضي بالخروج من المرافق الخدمية والأحياء السكنية.
بينما المليشيا تبتز كل الشعب السوداني بحياته، تدمرها أو تتحقق مطالبها السياسية، وبينما تستمر المليشيا في ارتكاب الجرائم بشكل فج في حق المواطن والتي تصل إلى درجة القصف المتعمد للمدنيين، يتركها البعض ويهاجمون الكيزان!
لنفترض أن الكيزان اختفوا من الحياة فجأة وكذلك كل داعمي الجيش. فليخبرنا أحدكم كيف يمكن التفاهم مع المليشيا دون الاستجابة لابتزازها الذي يرهن خروجها من الأعيان المدنية بتحقيق مطالبها السياسية.
ثم إذا الجيش قد قرر أن هذا تمرد ويجب عليه إما الاستسلام أو السحق الكامل. فهل يُعتبر الجيش مجرم في هذه الحالة؟ يعني هل ما يمنعنا من مهاجمة الجيش الآن بوصفه مجرماً مشاركاً في الحرب هو أن قائده البرهان (حسبما تقول الشائعات) مع السلام؟ يعني البرهان هو الوطني الوحيد ومؤسسة الجيش بكل هذه التضحيات التي تقدمها عبارة عن مجرمين لأنهم تصدوا لمليشيا بكل هذا الإجرام؟
إن لم تكن هذه خيانة فما هي الخيانة؟
حليم عباس