كنا قد انتهينا للتو من الزيارات في جنوب الوادي خلال الجولة الميدانية التي استمرت لنحو ١٨ ساعة في “توشكي”، تفرقت المجموعة المكونة من نحو ٢٠ إعلاميًا بين محرر عسكري ومذيع ومراسل في استراحة ١٥ دقيقة قبل العودة لمطار أبوسمبل لاستقلال الطائرة العسكرية للعودة للقاهرة، عندما علمنا أن هناك اتصالا من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
خلال ثوانٍ معدودة كانت المجموعة قد تحلقت حول رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، وصوت الرئيس عبدالفتاح السيسي على الهاتف..
لا شك أن شعور جميع الإعلاميين الحاضرين تجاوز حالة الفرح والتقدير ليشمل مزيجًا من الفخر والسعادة البالغة لفكرة الحوار المباشر والاتصال الشخصي من فخامة الرئيس، ومن محتوى الرسائل الهامة التي تضمنها حديث سيادته.
أما الفخر فراجع إلى التواصل المباشر مع رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة فغاية حلم كل صحفي أن يعكس صوت المواطنين وأن يحظى بدقائق مع مصادر هامة تكتب في مسيرته المهنية، ويظل كل منا يشير لأهم الشخصيات التي حصل منها على تصريح صحفي، فكونك إعلاميًا وتحظى باتصال عبر الهاتف مع رئيس الجمهورية لا شك حدث يستحق الاحتفاء والفخر، يضاعفه انتماؤك لكتيبة الإعلاميين العسكريين في جولة نظمتها بكل اهتمام وتنسيق فائق إدارة الشئون المعنوية التي تمثل مؤسسة منضبطة منظمة من أول خط سير لمطار أبوسنبل يتضمن الانتقال بالطائرة العسكرية، ثم أتوبيسات لمسافة ٧٠ كيلو لمقر إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي ومنها الانتقال عبر مئات الكيلومترات إلى باقي المشروعات، هؤلاء المجموعة سعيدة الحظ من الإعلاميين الذين حرص الرئيس السيسي على التواصل معنا عقب جهد العمل والمتابعة في درجة حرارة تصل إلى ٥٠ درجة لجولات امتدت نحو ١٨ ساعة متصلة، حيث تحركنا السادسة صباحًا، والعودة كانت نحو الثانية عشرة مساء.
يوم طويل شعرنا بمدى المسئولية عن نقل جهود شباب رائع يعمل على مدار الساعة ليس فقط لإنجاز العمل لكن لابتكار آليات جديدة تحقق سرعة إتمام المطلوب والحفاظ على الجودة وخفض التكاليف.. ضاعف من شعور الصحفيين المشاركين بالفخر، ما منحه سيادة الرئيس لنا من وقت للاستماع لما رصدناه عن مشروعات التنمية والتوسع في الزراعات ومحطات الري في توشكى، شعورنا بقيمة الجهد المبذول من العاملين المدنيين والعسكريين على السواء الذين يصلون الليل بالنهار لإنجاز أكبر محطة رفع مياه لمسافة ١٠٠ متر، أو يحطمون الصخر لتعبر قناة زراعية حاملة المياه للصحراء فيتم إدارتها بمنتهى الحكمة لتحيل الأصفر إلى أخضر منتج لقوتنا وحامي لكرامتنا، تفاصيل حدثناه عما رصدناه من حماس لبدء موسم تزداد فيه عدد الأفدنة المستصلحة لتصل وفقا لتصريحات السيد الرئيس إلى ٤ ملايين فدان خلال عام في أنحاء الجمهورية وهو رقم قياسي غير مسبوق، الأولوية فيها لزراعة القمح والذرة لسد الفجوة الغذائية، كما حرص سيادته على تحميلنا مسئولية نقل كافة تفاصيل ما يحدث للمواطنين وعرض حقيقة النقلة النوعية في التنمية والتعمير غير المسبوق في كل أنحاء المحافظات وفي القلب منها التنمية الزراعية وتتصدرها مدن الصعيد في جنوب الوادي.أما الانبهار فمرده إلى كون الرئيس السيسي رغم التحديات العالمية والداخلية والمهام المعقدة، يتابع تفاصيل كل شيء بنفسه، وأولويته المطلقة قوت الشعب ومصالحه، للدرجة التي يعرف بها الزيارة التفقدية لمشروعات توشكى التي تتم لطلاع الإعلاميين على المستجدات التي تنفذها شركة استصلاح الأراضي هناك تزامنًا مع انطلاق مبكر لموسم جني محصول أرقى أنواع التمور التي وصل عددها إلى ١٨ نوعًا يزرع عدد منهم كصنف جديد على مصر ويخصص للتصدير بالعملة الصعبة. حالة الانبهار التي انتابتنا لمكانة الرئيس كقائد لأهم دول الشرق الأوسط، ورغم ذلك حرص خلال التواصل التليفوني أن يستمع إلى تعريف كل صحفي وإعلامي بنفسه وجهة عمله، اتصال تجاوز ال١٥ دقيقة ولو اختصره لأبلاغنا شكرًا عامًا أو رسائل محددة يوجهها لكنا شاكرين، لكن حرص سيادته على إجراء حوار مفتوح استمع خلاله لآرائنا عما رصدناه خلال الجولة التفقدية لسبع مواقع عمل في توشكى يعمل بها نحو ٤ آلاف شاب من كافة محافظات مصر، منهم العامل والفني والمهندس والطبيب والنجار والسائق وكل أنواع المهن المرتبطة بالتنمية الزراعية والهندسية، ويفتحون بيوتًا من الخير الذي يجري من المشروعات القومية.
أما السعادة الكبرى فهي لرسالة المكانة التي تنظر بها الدولة للإعلاميين وفي القلب منهم الصحفيون، وسط مخاوف من تراجع مكانة فرسان القلم، مكانة كشفها حديث السيد الرئيس والذي حمل في طياته كل ود وأريحية كشركاء فاعلين في جهود التنمية ونقل تفاصيله للمواطنين وتقدير قدرتنا التحليلية والنقدية والاستماع لأطروحاتنا..
رسائل المكالمة لم تتوقف عند الصحفيين، بل كشفت أيضًا قوة الدولة المصرية واتجاهها القوي للتعافي من الأزمة الاقتصادية العالمية، الذي استفادت منه الدولة رغم التحديات الضخمة، ونجحت في أن يكون نحو ٨٠٪ من المنتجات التي تعتمد عليها الشركات المدنية العاملة في إنشاء محطات الري والكهرباء والرفع وغيرها من المشروعات التنموية صنعت في مصر بأيدي شبابها وأبنائها، حيث نجحت الأزمة العالمية وتحدي توفير العملة الصعبة في خلق مجالات لتوفير بدائل صناعية محلية وهو منتهي الحلم الذي نسعى ليستمر ويتزايد لنستبدل قائمة الواردات بإنتاج مصري.
ورغم ان هذه ليست المرة الأولى التي أشرف بها شخصيًا بالاستماع والحوار المباشر مع السيد الرئيس بفضل التخصص المهني، لكنها وقولًا واحدًا إحدى أسعد المرات بالمعنى والمحتوى لهذا التواصل الذي يحمل رسائل هامة عن استقرار الوطن وتحقيق أحلام تنمية المواطنين.
مها سالم – يوابة الأهرام