بخطابه المبين فى قاعدة (فلامنجو) العسكرية ببورتسودان اعلن الفريق اول عبدالفتاح البرهان، نهاية التمرد وشيع مليشيا الدعم السريع الى مثواها الاخير وقدم خطابا يشفي غليل الاسئلة التى تمور فى اذهان السودانيين الرافضين للتفاوض مع المليشيا والحريصين على انهاء وجود متمردي الدعم السريع فى المشهد والى الابد ..
الخطاب التاريخي للبرهان اليوم لا ينفصل عن العملية العسكرية الاحترافية التاريخية التى خرج بها من الخرطوم، بل انه ياتي تتويجا لخطة اعلان الانتصار الكبير التى ابتدرها الجنرال بخروجه الداوى الذى ملا الدنيا وشغل الناس.
البرهان اعلن ان خروجه كان عملا عسكريا سودانيا خالصا لا تشوبه صفقة ثنائية ولا ترتيب اقليمي اودولي، ووصف عملية خروجه بانها ( فدائية) نفذها الجيش السوداني واحتسب فيها شهيدين، وقد اشرت حينها فى منصات عديدة كتابة الى ان خروج البرهان كان مغامرة انطوت على كثير من المخاطر، وبالتالي فان الحديث عن اية ترتيبات لصفقة اخرجت البرهان يتبخر الان والرجل يعلنها داوية فى فلامنجو ان القوات المسلحة هي التى اخرجته وسطرت فى سجلها المحتشد بالملاحم والمفاخر اسطورة شجاعة جديدة سيوثقها التاريخ..
لم يكن للبرهان ان يغادر القيادة العامة ورحى العمليات تدور بلا اشارات للنهاية من واقع انه قائد الجيش الذى اعلن منذ بداية المعارك منتصف ابريل الماضي انه لن يغادر الا منتصرا او محمولا على نعش، وطالما انه مازال حيا يرزق وياكل( زلابية الصباح) مع الناس فى الطرقات فالاشارة التى تفهم من سياق الحدث انه اطمان الى ان المعركة قد حسمت وان الجنجويد (روحهم مرقت) وان ما تبقى مقدور عليه او مثلما جاء فى خطابه المبين.
البرهان كان واضحا فى رؤيته لمستقبل الدعم السريع فى الخارطة المستقبلية للسودان ، وقد جاءت عباراته فى هذا الجانب وهو ينفي اي احتمال لدور قادم للدعم السريع شافية وكافية ومتناسبة مع تطلعات السودانيين المغبونين والحريصين على ابادة اخر جنجويدي فى الخرطوم، والسودان.
بخطابه الراكز فى (فلامنجو) ، بدد البرهان احلام الطامعين فى التفاوض،
واوصد الباب تماما امام اية تسوية سياسية عبر المنابر التى تسعى لاعادة المتمردين ومشايعيهم الى المشهد مرة اخرى، وقد اكد انه لا اتفاق مع اية جهة خانت الشعب وفى الحديث اشارة واضحة لقوى الاتفاق الاطاري وقد احالهم البرهان الى ( مذبلة التاريخ) هم واتفاقهم اللعين الذى اوقد الحرب فى السودان.
وجه البرهان فى خطابه الاتهام لجهات خارجية بدعم الجنجويد وفى محفل به وجود دبلوماسى مقدر كان ينتظر ما يليه من قبل قائد جيش السودان ورئيس مجلس سيادته، ولم ينسى ان يعرفهم على (قاعدة فلامنجو العسكرية) خاصة وان البحر الاحمر ظل منطقة تسابق اقليمى ودولي، ويبدو انه قصد الربط بين الاتهامات واهمية القاعدة وسواحل السودان.
حمل الخطاب رسائل عديدة ومهمة وجاءت فى مجموعها مفصلة على احتياجات الواقع بدقة وتصويب، وقد حرص الجنرال الماهر فى القنص ان يصوب عباراته بدقة نحو اسئلة الواقع ويجيب عليها بوضوح..
(خطاب فلامنجو) جاء امتدادا وتتويجا لعملية الخروج الكبير وتفسيرا لاهدافها ومراميها، هذه الخطوة جاءت اشبه ب(قون المغربية) الراكز فى الذاكرة السودانية والذى لايمكن تعويضه بواسطة الخصم مهما حاول واجتهد لان ( الزمن انتهى) ، والجميع يترقبون الصافرة الاخيرة التى ازف ميقاتها وحان جنى افراحها نصرا من الله وفتحا قريبا يطوى صفحة الحرب اللعينة بخروج اخر جنجويدي من الخرطوم.
محمد عبدالقادر