مكي المغربي: هذا هو علاء الدين !

من أجمل ما تعلمته من معلمي وأستاذي حسين خوجلي أن الإعلامي هو أقرب لكونه شاهدا في قضية وليس قاضيا في محكمة، ولذلك من يطلبون من الإعلامي أن يعطل كتابته عما بلغه من معلومات وتحليلات إلى زمن أطول لمزيد من التقصي إنما يعتدون على مهنة القضاء ويقحمون فيها الصحفيين.

ولذلك .. نحن نكتب ولا نتوقف ولو استجد ما يستلزم التصويب نفعل ذلك ولكن لن نلجم أقلامنا البتة، وكل ما حدث في مقالي “من هو علاء الدين؟” أنني بنيت تساؤلات على ما تردد إعلاميا، وعندما وجدت الإجابات الحقيقية التي تخالف ما تردد أكتبها بذات العزيمة والتصميم.
أنا سعيد للغاية أنني انتقدت وأثرت تساؤلات حول الكاتب والشاعر المبدع علاء محمد عثمان، إذ لولا ذلك لما جائني سيل متدفق من التوضيح والإنصاف من أصدقاء لا أشك البتة في صدق شهادتهم وحسن تقييمهم، وقد غمرتني السعادة أن أجد شخصا بهذه المقبولية والقدرات في ظرف تحتاج بلادنا الحبيبة لأمثاله.

إلى جانب هذا فإن تساؤلاتي المشروعة لم تكن مصوبة لشخصه بل للموقع العام الذي يشغله والذي تردد في الميديا أن هنالك تواصل سياسي مع قحت عبره ووردت أسماء محددة منها عمر الدقير، والذي جائني من مصادر أثق فيها أنه لم يحدث إطلاقا عبر علاء الدين.
أنا أصلا كان حديثي في مقالي تساؤلا (هل حدث هذا التواصل مع عمر الدقير أم هو هلوسات سوشيال ميديا؟) وجائتني الإجابة والحمد لله، لم يحدث.

فيما يلي علاء .. الرجل وطني غيور ومتميز ومبدع ولديه موقف قاطع ضد الجنجويد بشقيه السياسي والعسكري .. أما فيما يلي قصة التواصل بين الحكومة ودول أخرى وقحت .. بالنسبة لي وعلى ضوء مؤشرات وتحليل .. لدي رأي آخر .. لا أريد أن أزحم به هذه المساحة، لأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة حاليا، ولأنه بعد تشكيل اللجنة المعنية بالتحقيق حول إنتهاكات الدعم السريع والجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني برئاسة النائب العام بات المعيار هو ظهور أسماء المتهمين من الجنجويد السياسي بعد ظهور أسماء الجنجويد العسكري.

قطع الشكوك وتبديد الضبابية حول شائعات إعادة إنتاج قحت وتدوير نفاياتها السامة .. يتم فقط بالإجراءات اللازمة في مواجهة قحت والناشطين والمرشدين والعملاء وغيرهم من شركاء الانتهاكات، إن حدث هذا انتهت خرافة إعادة إنتاج قحت، وإن لم يحدث فهذا يعني أمر آخر ولكل حادثة حديث.

دار نقاش بيني وبين شخص ذكي، كيف يمكن أن أثير تساؤلا حول علاء أو أي شخص تردد اتصل من طرف الحكومة، أو البرهان نفسه، اعتمادا على السوشيال ميديا، وإجابتي هنا كانت قاطعة أن يجوز بناء “تساؤلات” حول أي موضوع، وهذا تصرف مهني مئة بالمئة، وقلت له لو ظهر في السوشيال ميديا أن درجة الحرارة غدا في بورتسودان ستصل إلى خمسين، وأن الكهرباء ستنقطع تماما لأسبوع، وأن ضربات الشمس مؤكدة بنسبة وفيات عالية، ولم تخرج هيئة الإرصاد وإدارة الكهرباء بأي نفي أو توضيح مباشر أو غير مباشر (عبر آخرين) … ألا تتوقع هروبا جماعيا إلى مدن سنكات أو جبيت،؟ ألا تتوقع على الأقل أن نصف الموظفين لن يحضروا إلى المكتب الذي تترأسه؟

السوشيال ميديا واقع إعلامي معترف به، وهنالك العديد من الوسائل للتعامل معها دون إخراج بيان نفي مباشر، لذلك فإن الحكومة أو أي جهة أمامها “خيارات التعامل” أو أن تتجاهل وتتحمل النتائج السلبية .. ولا يحسن بها البتة أن تتسكع في محطة .. لا يجوز البناء على السوشيال ميديا .. بلى … يجوز ويجوز ويجوز .. بالذات في حالة الفراغ الإعلامي والتوتر الشعبي تجاه قضية ما مثل خيانة الشعب بإعادة إنتاج قحت، هذا أمر دونه “كاتم الصوت” .. وهذا أمر يخص الحكومة كلها .. ولحسن الحظ كل من التقيتهم لديهم درجة وعي عالية بهذا الأمر، وأن ما قبل الحرب ليس مثل ما بعدها.

علاء الدين محمد عثمان بوصفه صاحب مهمة وعمل فيه مزيج من السياسة والابداع والمبادرات لا غبار عليه لكن القاعدة التي أؤمن بها في ضرورة وعي الحكومة في التعامل مع الإعلام بشقيه التقليدي والسوشيال أمر آخر .. أعتقد أنه لو جاءت لجنة فنية وصححت كراسة الحكومة ستكون الدرجة أثنين من عشرة.

من أجمل ما صححت فيه نفسي وتراجعت عنه في مقالي السابق عن علاء الدين – وأفتخر بذلك – أن التعويل على الجيل الستيني في ملفات (التواصل) وغمط حق الجيل الثلاثيني والأربعيني .. والذي يمثله نموذج علاء الدين خطأ، وهذا ما تأكدت منه بشهادات أصدقاء مشتركين وقصص وإنجازات ثابتة تحققت لهذا الشاب بتوفيق الله وفضله.

إذن القاعدة خطأ، ويجب التقييم بالقدرات والنتائج وليس العمر.
من الطرائف أنني لم اربط الشخصية التي تعاملت معها من قبل “علاء الموظف” والشخصية المبدعة التي ألفت أجمل أوبريت من الوزن الثقيل .. “جيشنا أصل القضية” والذي طربت له كثيرا وكان عملا ناجحا فيه حشد من الفنانين، وهو نص فريد ورائع واقتطف منه:

ليكا في الحوبات أسود
في قرانا وفي المداين
ديمه حارسين الحدود
جيشنا يا اصدق عقيده
جيشنا يا اروع قصيده
يادرع وطن الجدود
ليكا بالارواح نجود
مابنفرط نحن فيكا
وبيك رافعين البنود
وكل همنا..ياوطنا
الامان والخير يسود.

ختاما … ستنتهي الحرب بانتصار القوات المسلحة السودانية بإذن الله تعالى، هذا ما نؤمن به، ونقاشنا هو حول التكلفة والمدى الزمني، ولذلك خيارات القيادة تنال مننا النقد من خلال هذا المعايير، وليس من باب أن ستنتصر أم لا، يقيننا أنها ستنتصر بإذن الله تعالى.
وعندما نرفض ونتوتر وننفجر فإننا نفعل ذلك لأن إعادة إنتاج قحت تطيل الحرب وتقصر العمر وتنزع البركة.

مكي المغربي

Exit mobile version