أي جهات تريد اختراق بلد مثل السودان والسيطرة عليه ستحاول ذلك عن طريق الجيش. ولكن في حالة السودان هناك مدخل أفضل من الجيش هو الدعم السريع. قوات تخضع بشكل كامل لشحص واحد من خليفة بدوية؛ رجل جاهل بعقلية مرتزق يفهم لغة المال والسلطة أكثر من أي شيء آخر؛ يُمكن التحكم استخدامه للاستيلاء على الدولة وإزاحة القوة التي تقف حائط صد أمام المطامع الخارجية، هذه القوة هي الجيش كمؤسسة وطنية والإسلاميين كتيار سياسي قومي يؤمن بسيادة الدولة واستقلال قرارها.
هكذا كان حميدتي هو الأداة المثالية للسيطرة والتحكم في السودان أو لتدميره إن لزم الأمر.
إن حجم حميدتي أكبر من أن يكون صناعة الإنقاذ لوحدها؛ صحيح البشير هو من جاء به في البداية، ولكن هناك من كبَّره وقوَّاه بما هو أكبر من موارد الدولة السودانية. ما قاله أحد أبواق الدعم السريع رداً على ود الفكي حين قال الدعم السريع تكون بأموال دافعي الضرائب وقال له البوق المطلع ما معناه أن الدعم السريع كان يصرف على الدولة نفسها من ماله الخاص يؤكد ذلك؛ يؤكد أن الدعم السريع كان ينمو ويتمدد بأموال وإمكانيات من خارج موارد الدولة ومن خارج السودان.
ولذلك، حينما نتكلم عن الدعم السريع لا يجب أن نحمِّل الجيش فوق طاقته. الأمر لا يتعلق بتاجر حمير بدوي استطاع أن يتمدد تحت بصر الجيش وسمعه حتى كاد أن يبتلع الجيش والدولة،
ولكنه كان مجرد أداة لقوى خارجية لها موارد ضخمة ومكر وتخطيط وأهداف، وهي التي كانت تبني الدعم السريع بشركاته الإقتصادية وقدراته العسكرية وتمدده السياسي والاجتماعي عبر الواجهات والوسائل المختلفة.
هذا العمل الضخم ليس عمل شخص واحد كان يرعى الإبل فتحول إلى محارب تحت ظل البشير ثم أصبح فجأة شخصاً خارقاً بهذا الطموح وهذه القدرات. فحتى طموحه للسلطة هو طموح مصنوع ومدفوع من الخارج. ولذلك فالمعركة الحقيقة ليست مع حميدتي، هي مع من يقفون خلفه ولقد هزمناهم وسنهزمهم.
حليم عباس