كل مرة ازداد قناعة بأن ابننا خالد أحمد يخاطب المستقبل الصحفي الباهر برنينه الصحفي العذب في الحاضر. فهو لماح ويختار الموضوع الصحفي بأناقة وجدة زائدتين، له التحايا وخالص الثناءات التي يستحقها باقتدار.
في عدد الجمعة من صحيفة (السوداني) تناول خالد أمراض السياسيين والحكام وربط بين أمراض الحكام والأمن القومي، مبررا تلكؤ الغرب في نجدة رجل أمريكا وإسرائيل الاول في المنطقة الرئيسي المخلوع حسني مبارك على خلفية تقارير استخبارية غربية تؤكد أن مبارك سيغادر الحياة عام 2011م لاصابته بسرطان المعدة.
استعرض صحة الإمام الصادق وتحدث لسكرتيره الخاص صديقنا الاعز إبراهيم علي الذي أكد له خلو جسد الامام من أية علة فالإمام يأكل الفواكه الطازجة ويمارس الرياضة ويتبع نظاما غذائيا صارما، وعلى ذكره للمهدي كان لابد من أن يمر على صحة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني التي وصفها بالغامضة فلا أحد يعرف شيئا عن أمراضه، ومن تقدير أن هذه مأثرة تضاف لمولانا فكل شيء حوله يجري على خطوط (العمل السري) بدءا من اتفاقية السلام السودانية حتى نسبة الكولسترول في دمه!.
استطلع خالد خبراء صحة حددوا له نوع الامراض التي تصيب السياسيين، ومنها تصلب الشرايين والأمراض الدماغية والاوعية الدموية والسكري وقرحة المعدة لكنهم أشاروا لأمراض أخرى غير مألوفة اطلقوا عليه (الامراض النفسانجية) ولا أدري هل هذه التسمية هي من أطلقها خبراء الصحة أم أنه عنوان اجترحه خالد فالفتى له قدر من الوسامة في مضمار الجماليات المثيرة.
لقد أعجبتنى هذه التسمية فتحت ظلال هذا المصطلح عاشرت سياسيين مصابين بهذا المرض الذي من الميئوس الشفاء منه، ولاحظت أنه مرض يصيب المعارضين اكثر من إصابته للحكام فربما كان للحكام نصيب من الضغط وقرحة المعدة التي تصيب أهل الهمة والوطنيين منهم وتصلب الشرايين للمتصلبين في مواقفهم أما أمراض الاوعية الدموية فتصيب آكلي قوت الشعب وكذلك المال العام.
الامراض النفسانجية أمراض خاصة فقط بالمعارضة وتشمل تورم الذات أو الوهم المستيقظ، والاسترابة، وسوء التقدير السياسي، وضعف قراءة التوازنات والتعايش المتمهل مع التناقضات والسعي لتحقيق الاحلام بالاماني الذاتية.
ولهذا المرض تجليات فمن بعض منها أن بعض الكتاب الذين ينطلقون في كتاباتهم للتعبير عن المعارضة يعتقد بعضهم أن مقاله يزيد توزيع الصحيفة إذا كان ورقيا، ويجعل (الماسنجر) في حالة دوران كالارض إذا كان إسفيريا، ويوقن كاتبه يقينا راسخا أن الشعب السوداني سيخرج في كل المدن بعد قراءته لهذا المقال حتى لو كان القراء من الاميين فالكاتب لا يقصي وسيلة السرد!.
حادثني ذات مرة (نفسانجي) في هذا الشأن مستفسرا عن تأثير مقالاته على الشارع فأخبرته بأننى أسير على كل الشوارع لكننى لا أقرأ مقالاته بيد أن شارع الامس هو نفسه شارع اليوم، لكن ذلك النفسانجى مازال يصدق أن مقاله سيحرك الشارع حتى صار من (المصدقين والجهلاء)!!
من تجليات هذا المرض على السياسيين ظاهرة الشك غير المبرر المعبر عنها (بهذا التوقيت بالذات) فكأن هذا التعبير نحت خصيصا للسياسيين، ولا أستبعد يوما إذا سمعنا عن سياسي تساءل عن سر شروق الشمس في (هذا التوقيت بالذات)!.
أنا من أسعد القراء بالمجاهيل التي يتوغل فيها خالد بأدواته التجديدية وهو مفعم بذلك المجهول الملغز الذي يسود حياتنا، لكنني أسأله لماذا اختار (هذا التوقيت بالذات)؟!!.
[/JUSTIFY]
صحيفة السوداني