وقع طبول الحرب الكونية يتصاعد ، من لا يسمعه أصم ، الحريق الكبير تتصاعد السنته و من لا يرى دخانه فهو أعمى ! هنا فقط ساتناول ما يتعلق بالحالة السودانية !
افريقياً ، ان حرب السودان ، تتمدد عابرة للحدود ومؤثرة في استقرار الدول التي ظلت تاريخيا تعرف بالسودان !الفرنسي والبريطاني ، وليس آخر ارتداداتها ان نيجريا مقبلة في تقديري على انقلاب عسكري حال انصياع الرئيس بهاري للرغبات الغربية ومشاركته في حصار النيجر ، ثم شن حرب عليها ، وهو الامر الذي سيعصف بالاستقرار في شمال نيجريا حيث النفوذ الغالب لقبيلة الهوسا ، التي تمتد الى النيجر و تشكّل 80% من سكانه !! .
اما فرنسا فانها ستتورط في صراعات غرب افريقيا هذه والتي ستتسع دائرتها ، حتى تفقد كل شئ ونجاتها تكمن في بحثها عن فتح صفحة جديدة مع مستعمراتها السابقة والمساهمة بقوة في كسر شوكة القبائل العربية البدوية في الاقليم ومساعدة السودان في الوصول للاستقرار في اسرع وقت !!
للاسف فإن الجارة الشقيقة اثيوبيا سيتمدد صراعها وربما في بداية العام المقبل سيكون هناك وجه جديد يصل للحكم عبر الجيش او اتفاق قبلي محمي بالبندقية !!
جنوب السودان لن يصمد طويلاً ، فهو يعتمد في اقتصاده على السودان ( الغذاء / النفط/ السلع الاستراتيجية ) استمرار الحرب في السودان سيزيد الاوضاع تعقيداً في جنوب السودان وسيقود الى اتساع دائرة العنف وعدم الاستقرار !!وستواجه تمردٍ ما بعد ان تسرب سلاح وافر من مليشيا الجنجويد للمعارضة الجنوبية التي دعمها حميدتي مؤخرا للاطاحة بالرئيس سلفاكير ! الذي سيخوض سباقاً انتخابيا بعد اشهر لن يكون سهلاً .
اما تشاد فهي لا محالة ارض معركة قادمة طالما الجنجويد مسلحون ولديهم مدد عسكري وسند مالي مستمر ..ولديهم طموح في اقصاء قبيلة الزغاوة واستعادة حكم تشاد (في حالة القرعان ) او السيطرة عليها وحكمها في حالة القبائل العربية البربرية ، وطالما هي في قلب سباق السيطرة على السودان الفرنسي !
اما مصر ، فإن الوقوف مكتوفي الايادي امام ضائقتها الاقتصادية التي زادها الوضع في السودان تعقيداً ، وانتظار انهيارها لهو خيار سيدفع ثمنه كل الشرق الاوسط ، خاصة اسرائيل ، وينبغي الا يكون امنها واستقرارها محل مساومة .
اوربا ، تنتظرها ايام قاسية فهي بين الجفاف والاقتصاد المأزوم والحرب الاوكرانية / الروسية ، ثم موجات غير مسبوقة من المهاجرين ، فبسبب حرب السودان سينفتح الباب واسعا للنزاعات الافريقية من الساحل الغربي وحتى الساحل الشرقي لافريقيا ، وسيتغطى البحر الابيض بالمهاجرين بصورة لا مثيل لها ، لقد استغلت اوربا افريقيا وثرواتها الطبيعية ، و كانت غايةً في الجشع بحيث عرقلت كل نظام حكم سعى لتطوير البلاد ودمرت كل خطة للنهضة وصناعة الاستقرار ، ورفضت ان تسمح لهم بالاستفادة من ثرواتهم ..ولو بنسبة ضئيلة !!! واستحوذت عليها لعقود بأبخس الاثمان !! فلتستعد الان لدفع الثمن ! فالهجرات الكثيفة ستزيد من قوة التيارات الشعوبية والعنصرية التي ستنشئ صراعا وعنفا داخلياً لن يقل اثره عن حرب اوكرانيا علي استقرار واقتصاد وامان دول ومجتمعات القارة ويُرجح ان القارة العجوز ستتداعى تباعاً.. تحت ضغط هذه الازمات.
هل ستتوقف الهزات الارتدادية المرتبطة بزلازل السودان عند هذا الحد ، لا ، اذ ان وصول 3000 جندي امريكي للبحر الاحمر ! مؤشر لمستوى جديد من التنافس على المنطقة والممرات التجارية الكبرى التي تخترقها ، فبعد السيطرة شبه الكاملة للروس على غرب افريقيا ، وسيطرة الصينين على الجنوب الشرقي وجزء من شمال شرق افريقيا ، في هذا الوضع تعلو قيمة السودان ومصر ..والبحر الاحمر الذي تمر به 13% من تجارة العالم ، ان امريكا تعلم انها لم تعد بمفردها في الساحة ، بل هي في سباق مع منافسين اقوياء و بلا حمولات تاريخية مع المنطقة ، ويتحركون بقوة لكسب الشعوب والجيوش ! وعلى الولايات المتحدة بذل جهد حقيقي للوصول الى مقاربات جديدة وفهم جديد وسياسات جديدة للتعامل مع العالم ودول المنطقة ، واذا استمرت في نهجها القديم ، وعجزت عن كسب الشعوب فبلا شك ستخسر هذه المنافسة !!
إن الهزات الارتدادية بسبب ما يحدث في قلب افريقيا ، في السودان ستتمدد وستكون مضرة للغاية بعدة دول …لن نبالغ ان قلنا ان استقرارها واستمرارها لن يكون مضمونا .
ولذلك على الغربيين التراجع ومراجعة السياسات المتبعة مع الدول الافريقية ، ولابد من العمل بدايةً لاجل وقف التدخل المضر في السودان و ( السماح ) باستقرار السودان وفق ارادة السودانيين ، ودعم الدولة و الحكومة التي ستتشكل حتى يعود المهجرون وليعود الاستقرار لغرب افريقيا والساحل تدريجياً ، هذا او الطوفان .
سناء حمد