بسم الله من قبل ومن بعد والصلاة والسلام على النبي المعصوم المصطفى خير الأنام، صلوات الله وسلامه عليه، أما بعد؛ فقد بدأت مسيرتي المهنية في عالم الصحافة عقب تخرجي في جامعة أم درمان الإسلامية (قسم الصحافة والإعلام) في مستهل الألفية الجديدة، وعملت بعد التخرج في عدة صحف رياضية، وأصدرت مع عدد من الإخوان الأعزاء صحيفة المشاهد الرياضية في العام 1997 وكنت شريكاً بنسبة فيها، فحققت نجاحاً باهراً بحمد الله، ثم اغتربت للعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وساهمت في تأسيس صحيفة أخبار العرب الظبيانية، التي عملت فيها رئيساً للقسم الرياضي ثم مديراً لتحرير الرياضة.
غادرت دولة الإمارات بكامل إرادتي في العام 2006، باستقالة طوعية ومسببة من موقع عملي، بعد أن أصدرت صحيفة الصدى الرياضية في شهر أغسطس من العام 2005 بشراكة مع الأخ عبد الله دفع الله، وكنت وقت صدور الصحيفة موجوداً في دولة الإمارات، وأعمل مديراً لتحرير القسم الرياضي بصحيفة أخبار العرب، وكنت أتقاضى منها مرتباً مجزياً، وكنت من ضمن ثلاثة صحافيين خصصت لهم الصحيفة سيارة وبدل سكن بمنطقة الخالدية، كما كنت أكتب مقالاً يومياً في صحيفة الكابتن الرياضية بمقابل مادي كبير،
وبعد الاستقالة أمر الشيخ سعيد بن سيف بن محمد آل نهيان (مالك الصحيفة) مشكوراً بصرف مستحقات نهاية الخدمة لي، وكانت في حدود 170 ألف درهم.. كما أمر بتحويل إقامتي إلى مكتبه الخاص تقديراً منه لدوري في إنشاء الصحيفة فاستمرت الإقامة ساريةً حتى 2012،
وبعدها قررت إنهاءها بكامل إرادتي، بعد أن ازدادت مشغولياتي وتعددت أعمالي في السودان بشراء مطبعة خاصة من عوائد توزيع صحيفة الصدى، التي كانت تطبع أكثر من مائة ألف نسخة،
ثم أصدرت مع الأخ عبد الله دفع الله صحيفة السوبر الرياضية، وصحيفة الأهرام اليوم السياسية (بشراكة ثلاثية مع الأخوين عبد الله دفع الله والهندي عز الدين في العام 2009)، ومن عوائدها اشترينا مطبعة جديدة للصحيفة من الهند،
كما أصدرنا صحيفة اجتماعية أخرى (لم يكتب لها النجاح) بينما أصابت صحيفة السوبر نجاحاً باهراً ونافست الصدى في التوزيع.. لاحقاً أعدت إصدار صحيفة (اليوم التالي) السياسية وتوليت رئاسة تحريرها في العام 2013، فحققت نجاحاً باهراً واحتلت الموقع الثاني في التوزيع بعد صحيفة الانتباهة، وفيها انتقلت من تناول الرياضة إلى الكتابة في الشأن العام، كما أنشأت مدارس ليدرز العالمية بشراكة معلنة مع الأخ الصديق الحبيب أحمد عبد المطلب محي الدين، وما زالت ليدرز تعمل بحمد الله، ولم تتوقف إلا باندلاع الحرب.. علاوةً على أعمال أخرى لا صلة لها بالصحافة.
زرت دولة الإمارات مرات عديدة بعد أن تركت عملي فيها وكانت المرة الأخيرة في شهر نوفمبر من العام 2018 بدعوة كريمة من مجلس أبوظبي الرياضي ممثلاً في أمينه العام؛ الأخ الصديق الأستاذ عارف العواني لحضور مباراة قمة درع الشيخ زايد بين المريخ والهلال، وخلال الزيارة تم تكريمي بدرع فخم مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين السودانيين الذين أمضوا سنوات طويلة في العمل الإعلامي بالإمارات، ومنهم الأساتذة كمال طه وصديق عباس وعلي سيد أحمد وأسامة أحمد خلف الله ومنصور السندي وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم ولم يحدث أن تم إبعادي من أي دولة لأي سبب كما يهرف بعض الساقطين عديمي الدين والأخلاق..
أما إقامتي الحالية في دولة قطر فتمتد لعامين سابقين، بعد أن تم قبول ابنتي في إحدى الجامعات الأجنبية بالدوحة؛ فقررنا الانتقال معها لنكون بجانبها، وفي الدوحة أسست عملاً خاصاً بحمد الله، واستمرت بعض أعمالي في السودان سارية، وتعددت زياراتي لوطني ولم أنقطع عنه مطلقاً وكنت أحضر بمعدل مرة كل شهر أو اثنين، وكنت أنوي العودة للخرطوم يوم 4 مايو الماضي لأمر يخصني، وتم حجز التذكرة عبر شركة طيران بدر (وتحديداً مديرها الأخ الصديق علي حامد أبو شعيرة)؛ لكن اندلاع الحرب حال دون ذلك.
خلفيتي السياسية معلومة للكافة، وأنا اتحادي الهوى، وتوليت من قيادة رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين في عام التخرج،
ولم يحدث أن انضممت للحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني مطلقاً، ولا أحد في التنظيمين يجرؤ على ادعاء أنني كنت عضواً فيهما مع أنني لا أرى في ذلك منقصةً أو غضاضة،
فما كل الإسلاميين فاسدون ولو كنت منهم ما أنكرتهم لأنني لا أخشى أحداً، ولست مضطراً لاستئذان أي جهة أو فرد في أي شأن يخصني (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟)،
وخلال فترة عملي الصحافي الممتدة ثلاثة عقود تفرغت للمهنة التي استهلكت جل وقتي، ولم يحدث أن تلقيت دعماً من أي جهة أو شخص ويدي ظلت بيضاء من غير سوء.. وعُليا بلا منٍ ولا أذى.. الأكاذيب التي تروج عني وعن آخرين؛ اختاروا الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ؛ لا تهمني
وأنا لست مهموماً بالدفاع عن نفسي في وجه ترهات لا قيمة لها بقدر انشغالي بالدفاع عن وطني وأهلي في مواجهة عدوان غاشم وشامل، يستهدف محو الدولة السودانية عن الوجود وتدمير بنيتها الاجتماعية والثقافية والفنية والسياسية وتغيير تركيبتها الديمغرافية، وهدم بنياتها الأساسية، بمساعدة فئات سياسية فاشلة وضالة ومضلة، تمارس أسوأ أنواع العمالة والخيانة بمساندتها المعلنة والمستترة لمرتزقة بغاة، مارسوا أسوأ أنواع الانتهاكات في حق أهل السودان، قتلاً واعتقالاً واغتصاباً وتدميراً ونهباً وسلباً وترويعاً،
وسط صمت قبيح وتواطؤ معلن من مكونات سياسية مارست سقوطاً غير مسبوق في أوحال الخيانة بصمتها المخجل ودعمها المعلن والمستتر لهذا العدوان الشامل.. وتسترها على جرائم الجنجويد.
الترهات والأكاذيب وحملات حرق الشخصية لن تزيدني إلا قوةً ومنعةً وإصراراً على الالتفاف حول شعب السودان وجيشه الباسل في معركة الكرامة التي تستهدف الحفاظ على كيان السودان من الاندثار، وهي تمثل تحدياً وجودياً، وحداً فاصلاً بين الحق والباطل، وكشافاً يميز الحق عن الباطل، لذلك نبتهل للمولى عز وجل أن ينصر أهلنا وجيشنا فيها، وسنوالي دعمهما بكل ما نمتلك من قوة، وسنواصل إسنادنا الإعلامي للجيش السوداني الباسل الذي قدم ملاحم خالدةً ستبقى للتاريخ فداءً وتضحيةً ومنعة وصموداً ورجولة..
النصر لنا ولا نامت أعين الخونة والعملاء والجبناء من مظاهري ومساندي التمرد المندحر القميء.
والحمد لله من قبل ومن بعد.
د. مزمل أبو القاسم