الوضع فى السودان .. كيف سيكون الحال بعد المائة يوم الثانية؟

هو تقرير مروع ذلك الذى أصدرته وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة عن الوضع الحالى فى السودان بمناسبة مرور مائة يوم على بداية الصراع بين الجيش النظامى وقوات الدعم السريع، فقد حذر التقرير من أن ستة ملايين سودانى يقتربون الآن من حد المجاعة، أى نحو ١٣٪ من مجموع تعداد السودان، وربما كان أهم الحقائق الصادمة التى تضمنها التقرير أن عدد ضحايا الصراع وصل إلى أربعة ملايين شخص.

فنحن نتوقف دائما عند عدد النازحين الذين اضطروا لمغادرة البلاد نتيجة لهذا الصراع والذين بلغ عددهم أكثر من ٩٠٠ ألف شخص، لكن التقرير ينبهنا إلى أن هناك أكثر من ٣ ملايين آخرين شردوا داخل البلاد ولم يتسن لهم مغادرتها، ومعظم هؤلاء يعيشون الآن بلا مأوى، وقد طال الصراع جميع أقاليم السودان، حيث يقول التقرير إن ١٥٪ من المشردين من ولاية نهر النيل، و١١٪ من شمال السودان، و٩٪ من شمال دارفور، و٩٪ من النيل الأبيض، بينما يأتى معظم النازحين إلى خارج البلاد من ولاية الخرطوم، على أن التقرير يوضح أن الكثير من مناطق الصراع أصبحت مغلقة تماما ولا يمكن دخولها، مما يعنى أن هذه الأعداد تعتمد على تقديرات أولية، أما الأرقام الفعلية للضحايا فقد تكون أكثر من ذلك بكثير.

أما وكالة غوث اللاجئين فقد أكدت أن أوضاع الكثيرين ممن تمكنوا من الهجرة إلى البلاد المجاورة مؤلمة للغاية، خاصة فى تشاد وليبيا وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، حيث تزدحم معسكرات الإيواء بشكل غير آدمى، كما أن اقتراب موسم الأمطار سيزيد من صعوبة وصول المساعدات للمهجرين، خاصة إذا صاحبت الأمطار السيول والفيضانات، من ناحية أخرى أكدت الأمم المتحدة فى تقريرها تعرض المؤسسات العامة بالخرطوم للنهب والسرقة، كما تم الاستيلاء على الكثير من المنازل الخاصة، وفى الأسبوع الماضى أبلغت منظمة الصحة العالمية عن حالات مقلقة من الأمراض المعدية بين المشردين من السكان، فى غيبة الاستعدادات الصحية اللازمة، حيث تمت مهاجمة ما يزيد على ٥٠ مستشفى ومركزا طبيا فى مختلف أنحاء البلاد.. إن كل هذه المصائب وليدة مائة يوم فقط من الصراع، فكيف سيكون الحال بعد المائة يوم الثانية؟

محمد سلماوي – بوابة الأهرام

Exit mobile version