نشرت بي بي سي العربية تقريراً خطيراً عن انتهاكات في السودان يقوم بها معالجين روحانيين باسم “الرقية الشرعية” وتعرض نساء للاعتداءات الجنسية بشكل خادع وقصة شيخ اسمه “ابراهيم”. جانب من التقرير فيما يخص السودان:
في العاصمة السودانية الخرطوم، أخبرتني ربة منزل تُدعى سوسن أنه عندما تزوج زوجها بأخرى، وغادر منزل الأسرة للعيش مع زوجته الثانية، وجدت سوسن نفسها وحيدة مع خمسة أطفال بلا دخل مادي.
لجأت سوسن إلى أحد المعالجين في حيها، وقالت إنها كانت تأمل في أن يعطيها نوعاً من “الوصفات الشعبية” أو طريقة تجعل زوجها يعاملها بشكل أفضل. لكنها لم تكن تتوقع علاجه المقترح، “قال إنه سيمارس معي وسوف يستخدم سوائل الجسم الناتجة عن الممارسة لتحضير جرعة من أجل أن أطعمها لزوجي”، أخبرتنا سوسن. وقالت سوسن إن الطريقة التي تحدّث بها “الشيخ” كانت توحي أنه “معتاد على ذلك وأنه لا يخاف”. “كان واثقاً من أنني لن أبلغ الشرطة عنه أو المحاكم أو حتى زوجي”. وتقول سوسن إنها غادرت الجلسة على الفور ولم تعد أبداً. لم تبلغ سوسن الشرطة أو أي شخص عن سلوك “المعالج”. و 3 من بين 50 امرأة تحدثنا إليهن في السودان ذكرن نفس الرجل – “الشيخ إبراهيم”.
قالت إحدى النساء، التي لن نذكر هويتها، إنه تلاعب بها للمارسة معها. وقالت لنا أخرى، عفاف (اسم مستعار)، إنها اضطرت إلى دفعه بعيداً عن جسدها عندما حاول معها. قالت إنها شعرت بالعجز ولم تبلغ أحداً.
“لا يصدق الناس أن الشيوخ يفعلون مثل هذه الأشياء. وكيف يمكنني العثور على شهود من أجل الذهاب للمحكمة؟ لم يرني أحد في الغرفة معه”، قالت عفاف. وكان علينا أن نجمع الأدلة بأنفسنا. ووافقت صحافية سودانية أن تعمل مع فريقنا وأن تزور الشيخ إبراهيم مدعية أنها تريد العلاج وتصوير اللقاء بشكل سري. وتظاهرت الصحافية، التي نطلق عليها اسم ريم، بأنها تعاني من العقم.
قال الشيخ إبراهيم إنه سيصلي من أجلها، وأعد لها قنينة من “الماء الشافي” – المعروف باسم “المحايه” – لتأخذها إلى البيت وتشرب. وقام الشيخ من مقعده وجلس بالقرب من ريم، ووضع يده على بطنها. عندما طلبت منه أن يرفع يده، قالت إنه استمر في تحريك يده على جسدها، فوق ملابسها، وصولاً إلى أعضائها التناسلية. قفزت ريم من مقعدها وركضت إلى خارج الغرفة. قالت لنا بعد ذلك: “لقد صدمني حقاً. كان لديه نظرة مخيفة”. وتقول إنها شعرت أن أسلوبه يشير إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها بهذه الطريقة.
التقيت الشيخ إبراهيم من أجل مواجهته بشأن ما حدث لريم ومواجهته بالأدلة التي جمعناها. ونفى أنّه تحرش أو اعتدى جنسياً على نساء طلبن مساعدته، وأنهى المقابلة فجأة.
“النساء يصدقن أن الشيخ يخرج الشيطان من خلال لمس أجسادهن”:
بالقرب من الخرطوم، زرنا مركز الشيخة فاطمة للرقية والعلاج المخصص للنساء فقط. الشيخة فاطمة هي إحدى النساء القليلات اللواتي يقدمن بديلاً للراغبات في الشفاء الروحي من دون التعرض لخطر الاستغلال الجنسي. على مدار 30 عاماً، كان مركزها أحد الأماكن القليلة التي يمكن للمرأة أن تخضع فيها للرقية على يد نساء.
سمحت لنا الشيخة فاطمة بحضور إحدى جلسات الرقية والتي تكون جماعية وتحضرها عشرات النساء. مع انطلاق جلسة الرقية، بدأت النساء من حولي بفقدان الوعي بما يحيط بهن. أخبرتني الشيخة فاطمة كيف يمكن أن تكون النساء مستضعفات وعرضة للخطر في هذه الحالة، ما يسمح لبعض مدعي العلاج باستغلال تلك الحالة.
“أخبرتنا العديد من النساء أنهن يعتقدن أن الشيخ يستخرج الشيطان من خلال لمسهن. لقد اعتقدن أن ذلك كان جزءًا من العلاج “، وأضافت: “ما نسمعه من تجارب النساء صادم”.
في السودان، التقينا الدكتور علاء أبو زيد، رئيس قسم الأسرة والمجتمع في وزارة الأوقاف. بداية، كان متردداً في تصديق أن الكثير من النساء أبلغننا عن تعرضهن للإيذاء الجنسي. لكنه اعترف بأن الافتقار إلى التنظيم فيما يخص العلاج الروحاني يسبب “الفوضى”، وأن “الراقي” أو “المعالج بالقرآن” أصبحت “مهنة من لا مهنة له”.
على الرغم من كل الأدلة التي جمعناها، تظل السلطات المغربية والسودانية محجمة عن الاعتراف بحجم المشكلة والإقرار بأن النساء ممن يلجأن للمعالجين قد يحتجن لحماية أكبر. ولذلك يبقى العبء على عاتق النساء لكشف أولئك الذين يتسترون خلف العلاج الروحاني.
الشيخ ابراهيم تحرّش بصحافية مبعوثة سراً من بي بي سي للتقصي عن حقيقة ممارساته
تقرير: حنان عبد الرازق – بي بي سي عربية