داخل مستشفى الأبيض التعليمي في ولاية كردفان، الذي يعد مركزا للجرحى المتأثرين بالحرب، خرج الإضراب الأول من نوعه في السودان منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل/ نيسان، ويطالب الأطباء المضربون بمستحقات مالية ومهنية متأخرة.
“المستشفيات الخاصة مكتظة بالمرضى”… المشهد ما بعد الإضراب كما ترويه الطبيبة، نظيفة عوض الله، عضو نقابة الأطباء في الأبيض لبرنامج للسودان سلام على إذاعة بي بي سي العربية هو ازدحام المستشفيات الخاصة بالمرضى في ولاية كردفان، بطريقة لم تشهدها من قبل وقتما كان يعمل مستشفى الأبيض التعليمي بشكل اعتيادي بحسبها.
توقفت خدمات الطوارئ وأقسام العيون والأطفال والأذن والأنف والحنجرة والعظام، وجراحة المسالك البولية والأمراض النفسية والجلدية والأمراض التناسلية بالمستشفى التعليمي، باستثناء مركز “الجُمِيح” لغسيل الكلى الوحيد تقريبا على مستوى الولاية، وباستثناء مستشفى النساء والتوليد الذي يستقبل الحالات الطارئة فقط، كما يلتزم الأطباء بعلاج المرضى الموجودين سلفا بالمستشفى حتى خروج آخر مريض، كما تحكي الدكتورة “نظيفة”.
يعمل الأطباء في ظروف صعبة بسبب القتال المستمر في العاصمة السودانية الخرطوم ودارفور، ويعاني الأطباء والكوادر الطبية والعاملين بالدولة والقطاع الخاص عامة من توقف المرتبات والمستحقات المالية لأربعة أشهر، ووصل العديد منهم إلى ذروة الأزمة ما دفعهم إلى الإضراب.
تقول الطبيبة “نظيفة” إن مستشفى الأبيض التعليمي هو المرجع الوحيد في ولاية شمال كردفان غربي السودان، الذي يستقبل المرضى من ولايات كردفان وإقليم دارفور، كما أنه معروف بإجراء الجراحات الدقيقة في مجال العظام بحسبها.
وطوال أربعة أشهر لم تصرف مرتبات الكوادر الطبية، والحوافز المالية المستحقة بعضها وصل إلى عشرة أشهر كما تؤكد الطبيبة نظيفة، حيث يطالب الأطباء بصرف الاستحقاقات المالية المتأخرة، فضلا عن المطالبة بتهيئة بيئة عمل آمنة ونظيفة في المستشفيات، وتوفير سبل أمنة ليستطيع الأطباء والكوادر الطبية التنقل بين أماكن سكنهم والمستشفى، حيث تعمل كوادر طبية بلا انقطاع بسبب ظروف الحرب طبقا لشكوى عدد من الأطباء.
وبالتالي تأثير الإضراب المفتوح حتى تتحقق المطالب، ربما يؤدي لتداعيات كبيرة على المرضى كما يخشى البعض.
“عدد كبير من الكوادر الطبية تركوا مهنتهم، واتجهوا إلى مهن أخرى لسد لقمة العيش لأسرهم”، كلمات تحذيرية أطلقها عطيه عبد الله سكرتير اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان لبرنامج للسودان سلام، نتيجة عدم دفع الرواتب للكوادر الطبية في ولايات سودانية لمدة أربعة أشهر، حيث بات أطباء وكوادر طبية على حافة هاوية واختيارات صعبة، إما الاستمرار في العمل في ظل ظروف قاسية كما يفعلون حالياً، أو أن يتركوا المهنة ويعملون بمهن أخرى لمواكبة أزمة اقتصادية طاحنة بحسبه.
” النظام الصحي في القضارف يترنح وآيل للسقوط في أي توقيت”، يستكمل الدكتور عطيه تحذيراته بشأن تأثر الوضع الصحي واحتمال نقص الكوادر الصحية في ولاية القضارف في شرق السودان، بسبب ما وصفه بالضغط الذي يتعرض له النظام الصحي، نتيجة تحول الولاية إلى مركز لاستقبال مصابي الحوادث من ولايات أخرى، وأصحاب الأمراض المزمنة كالسرطان والكلى، فضلاً عما يسميه الدكتور عطيه بانعدام عوامل الأمان للكوادر الطبية في تنقلاتهم من بيوتهم إلى المستشفيات، ونقص المعينات الطبية تحديداً معينات الحوادث وتسربها إلى السوق السوداء بحسبه.
وأعلنت حكومة ولاية غرب كردفان مؤخراً عن صرف مرتبات العاملين عامة عن شهر أبريل/ نيسان الماضي، من أصل مال البترول المخصص للتنمية، وأكد حاكم الولاية أن المرتبات تم دفعها من مال البترول بسبب ظروف العمال، على أن يتم استرجاعه من وزارة المالية الاتحادية حال تحسنت الأوضاع بالسودان بحسبه.
وترتفع إشارات الحذر من أزمة صحية قد تصيب ولاية كردفان وتؤثر على ولايات أخرى، ما لم يتم التحرك سريعاً لحل الأزمة التي تصيب نظاماً صحياً، قد لا يتحمل تبعات ذلك على المدى الطويل.
بي بي سي عربي