هدنات هشة، وحوار غائب، ونزوح بالملايين، واقتتال مستعر يقترب من عتبة شهره الخامس.. إنه السودان الذي ينشد صوت الحكمة.
– مشهدٌ تستعرضه “العين الإخبارية” مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، بدءا من مبادرات الحل الخارجية، مرورًا بالأوضاع على الأرض، ورؤيته لإسكات أصوات المدافع، إلى الوضع في دارفور، وتأثير الاشتباكات الأخيرة في إثيوبيا على الأزمة السودانية، وصولا لقضايا عدة تحدث عنها الرجل في نص الحوار التالي:
●كيف تقرأ حراك دول الجوار.. هل سيتمخض عن حلول؟
دول الجوار السوداني الأكثر تضررا من الحرب الدائرة في السودان. إنها دائما تتأثر سلبا أو إيجابا بما يحدث عندنا.
وبعيدًا عن كون حراك دول الجوار إيجابيًا أو سلبيًا، فإن هذه الحرب أفرزت تعقيدات ومشاكل كثيرة بالنسبة لهذه الدول، أكثرها مصر ثم جنوب السودان وإثيوبيا وتشاد وإريتريا وبأقل تقدير أفريقيا الوسطى.
إن تضرر هذه الدول من الحرب، فرض عليها بشكل تلقائي الاهتمام بالوضع في السودان، والبحث عن طرق لمعالجته أكثر من أي دول أخرى. ومن هذه الرؤية انطلق اجتماع القاهرة لدول الجوار الشهر الماضي، لبحث القضية السودانية من منظورها.
اجتماع تمخض عن آلية وزراء خارجية دول الجوار، التي تعقد أولى اجتماعاتها بتشاد. إلى هنا هذا هو ما يعرفه الجميع، لكن ما إن تأتي مخرجات هذا الاجتماع، سنستطيع حينها تقييمها.
●ماذا عن مبادرة جدة ولماذا جُمدت مرة أخرى؟
إذا أردت أن تعالج المشكلة في أي دولة وليس السودان فقط، يجب أن تكون هناك مقومات معينة توفر الآلية التي تناقش هذه المشكلة، وآلية جدة هي آلية يديرها طرفان (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية).
ومع ذلك، فإن جدة قد تكون المنبر الوحيد الذي حدث به قليل من التقدم؛ فعلى الأقل هناك اتفاق مبدئي حول وقف إطلاق النار، فضلا عن توقيع أكثر من هدنة، وإن كانت تنقصها الإجراءات الضرورية لتنفيذها، من خروج القوات وإعادة توزيعها وهكذا.
إن عدم وجود إجراءات معينة في مثل هذه الهدن، جعلها لا تنفذ؛ فهي افتقرت إلى تحديد المناطق وآلية خروج قوات الدعم السريع من المساكن والمؤسسات وغيرها، فضلا عن غياب تحديد المناطق نفسها التي تذهب إليها (الدعم السريع)، وتأمين هذه المناطق التي تخرج إليها. كل هذه الأشياء غير المحددة، من طريقة التحرك إلى الضمانات، جعل الاتفاق على الورق فقط.
●هل يمكن إعادة إحياء مبادرة جدة؟
لا أعلم ما إذا كان الجيش وقوات الدعم السريع، سيعودان مرة أخرى إلى جدة أم لا؛ فهما توقفا وهذا هو الحد الأقصى الذي يمكن أن يصلا إليه. إذا ارتأينا إمكانية الوصول إلى حلول، حينما يمكنهما العودة مرة أخرى. لكن إذا لم يتم العمل على الإجراءات الضرورية لتنفيذ أي اتفاق، فسيكون -كذلك- حبرًا على ورق.
●ماذا عن مبادرة الإيغاد؟
مبادرة الإيغاد والاتحاد الأفريقي وغيرها من المبادرات لم تر النور حتى الآن. إن لديها إجراءات داخلية وتنظيمات هيكلية داخلية لم تكتمل إلى يومنا هذا، وإلى أن تكتمل وتعالج مشاكلها الداخلية، سنعبر هذا الجسر.
●ما رؤيتكم للحل في السودان؟
هناك حلان للأزمة السودانية، الأول: الحل العسكري وهو مكلف، أما الثاني فهو التفاوض. وكلاهما له برامج وخطط وخارطة طريق.
إذا اخترنا التفاوض طريقًا، فيجب العمل على خارطة طريق تفضي إلى هذا الحل، طارحين أسئلة: إلى أين سينتهي التفاوض؟ وما هو الهدف منه؟
أما إذا انتهجنا الحل العسكري، فيجب اتباع خطوات الحل العسكري، ومعرفة الهدف الأساسي منه، وإلى ماذا سيفضي.
●أين الطريق إلى حل الأزمة.. داخلي أم خارجي؟
الحل قد يكون في أي مكان؛ الأهم وجود منبر وميسر ومنسق له، فقد يكون الحل موجودًا، لكن في النهاية المشكلة الكبيرة أنه لا يوجد منبر واحد محدد للحل.
●كيف تقرأ تحركات القوى السياسية داخل السودان؟
القوى السياسية تتحرك على نفس الخط الذي سلكته قبل الحرب، دون تغيير؛ فالوجوه نفسها، ورابطات العنق هي نفسها، والبدل نفسها، والحديث نفسه.
●هل يعني ذلك.. أن الحل لن يكون داخليًا؟
لا أظن أن هناك من يعول على هذا الحراك السياسي، وهو نقل كل ما هو قديم إلى جديد. إن هذه الطريقة لن تفضي إلى أي شيء. فقط تجربة المجرب.
●ما مضمون مباحثاتكم مع القادة الروس في القمة الروسية الأفريقية؟
روسيا دولة مهمة في مجالات كثيرة. لدى السودان وروسيا علاقات منذ 1956، وتعاون ثقافي واستراتيجي واقتصادي.
لم آت بجديد في حوارنا مع القادة الروس، لكن عززنا وناقشنا التعاون والعلاقات الموجودة بيننا، ووضعنا معايير لكيفية التعاون مع الدولة الروسية، ونقل هذه البروتوكولات والاستراتيجيات لسودان ما بعد الحرب، هذا ما ناقشناه على مستوى البلدين.
أما على المستوى العام، فكانت القمة الروسية الأفريقية، وهي قمة اقتصادية ناقشت كثيرًا من القضايا، وكانت بمثابة استراتيجية عامة لأفريقيا كلها مع روسيا.
●هل تلقيت وعودًا من روسيا لمساعدة السودان وإنهاء الحرب؟
لم أذهب إلى القمة الروسية الأفريقية، لأتلقى وعودًا من الدولة الروسية.. ذهبت لأعزز وأعضد ما هو موجود.
●هل تطرق الحوار مع القادة الروس إلى فاغنر؟
لم يتطرق حوارنا إلى قوات فاغنر شبه العسكرية، وما يُروج عن مساعداتها لقوات الدعم السريع.
●هل هناك تواصل مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)؟
لا.. لم يحدث أي تواصل قريب بيني وبين حميدتي.
●ماذا عن الأوضاع على الأرض؟
أثناء الحرب بأي دولة، من الأفضل ألا تسمع أخبار الحرب من الوسائط الخارجية، فقط اجعل دليلك الناطقين الرسميين في هذه الدولة.
هناك حرب في السودان، بها كر وفر. إدارة الحرب تختلف من بدايتها ونهاياتها، أنا شخص أعرف الحرب، لن تستطيع أن تتحدث عن الحرب، يمكن أن تتحدث عن المعارك، لكن في نهاية المطاف.. الجيش السوداني سوف ينتصر في هذه الحرب في النهاية، ليس له خيار آخر.
●ماذا عن دارفور؟
يمكن أن تسيطر قوات الدعم السريع على حلفا وكسلا، وغيرهما الكثير، هم سيسيطرون والحكومة -كذلك- ستسيطر.. لكن في النهاية.. من الذي يكسب الحرب؟.
●ماذا عن الدعم الدولي الإنساني للسودان؟
إذا تحدثنا عن المجتمع الدولي، فليس هذا هو المنتظر، إن الدعم من المجتمع الدولي له تبعيات وسلاسل معقودة على هذه الدول ومصالح.
●ماذا عن الدعم الإقليمي؟
إذا تحدثنا عن الدولة المصرية، فهي ليست لها مصالح غير أنها تساعد الشعب السوداني، والدليل تواجد أكثر من 5 ملايين سوداني بالقاهرة، ونصف مليون على المعابر في انتظار الدخول لمصر.
هنالك دعم إقليمي، لكن تقييمه يختلف من دولة لأخرى، وتقييمنا لها -كذلك- يختلف بالنسبة للمسببات والمصالح.
●ماذا عن الدعم الخليجي؟
هناك دعم من دول الخليج للأزمة للسودانية وللوضع الإنساني هناك.
●ما محطتك القادمة لشرح الأزمة السودانية؟
محطتي القادمة السودان، بعد أن استكملنا المحطات الخارجية.