أطفال ناس الخرطوم

كتب الأستاذ محمد بخيت المفتي في مدونته بفيسبوك: “لاحظت في الولايات أطفال ناس الخرطوم في شهرين تلاتة كبروا بصورة ملاحظة شكلا وعقلا ومشاركة وتحملا للمسؤولية… ما شاء الله تبارك الله”.

هذا والله ما كنت أبحث عنه عندما طلبت من بعض الإخوة اللائذين بالولايات أسألهم عما يلاحظون في شخصيات أطفالهم من تغيير. ويبدو أن سؤالي لم يُفهم.

الإنسان الناشئ في القرية يتسم بصفات وأخلاقيات معينة… أهي ما نسميها أخلاق القرية؟
ذات مرة في الخرطوم دخلت غرفة بها مجموعة من الأطفال. وعند دخولي قام أحدهم من مكانه وسلم عليّ وأجلسني في مكانه، وبقي الباقون لا يبرحون مكانهم. عرفت بسؤال الطفل أنه الوحيد فيهم المولود في (البلد) وأنه قادم من هناك حديثا.

في القرية تربينا على مهمات وأعمال تتكرر يوميا، مثل إخراج الغنم في وقت معين للمرعى أو أخذ الحمار للشرب، والخروج في الصباح الباكر لنلقط تمر الهبوب…

ترويض الشخصية إنما يكون بمثل هذا العمل المتكرر والمثابر. والتربية في المدارس إنما تقوم على مثل هذه المهمات المتكررة ونتيجتها الانضباط.

لا أقول إن أطفال القرية يتميزون على أطفال الخرطوم في كل شيء، فلا شك أن لأطفال المدينة ما يميزهم من سلوكيات وأخلاقيات.

هذا أمر اهتممت به جدا حتى في بعض تطوافي على السودانيين في مهاجرهم البعيدة في العالم شرقا وغربا.

ذات مرة في دنقلا استقبلت أسرة وصلت للتو من بلد غربي. أخذتهم في السيارة قاصدين قريتهم. في الطريق مررنا على زريبة بهائم، طلب أحد الأطفال أن نوقف السيارة لمشاهدة الخرفان والأغنام. كان في سعادة ودهشة لا توصف للولد، وألح أن نفتح له الزريبة ليدخل مع الغنم.

حدثني أحدهم أن طفله لما وصلوا إلى القرية بقي ساعات طويلة رافضا قضاء الحاجة لأنه ببساطة يريد حماما نظيفا أو “Rest” كما يسمونه عندهم في أمريكا، يقول: وجدناه بعد أيام يخرج إلى الخلاء… “يقطع الجمار”!

بقلم: عثمان أبوزيد

Exit mobile version