شملت ورقة مبادئ الإصلاح الأمني والعسكري التي صممتها و سوقت لها و أصرت عليها الأحزاب الموقعة على الاتفاق الإطاري، والتي رفضتها القوات المسلحة في موقف تاريخي يحسب لها ويعزز دورها كحامي للأمن القومي، مراحل ” للدمج والإصلاح” تبدأ بمرحلة التخطيط بهدف الاتفاق على الإصلاحات المطلوبة ( إي هيكلة الجيش وفق الأسس السلطوية التي رسخها الاتفاق الإطاري) ،،تليها مراحل دمج لقوات الدعم السريع، على أساس رؤية لم تجرؤ حتى القيادة العراقية الشيعية في تمريرها لدمج الحشد الشعبي في الجيش العراقي !! لتشمل :
مرحلة توحيد هيئة القيادة، تليها مرحلة توحيد هيئة الأركان، ثم مرحلة توحيد قيادة المناطق، وأخيرا توحيد قيادة الفرق.
على أن تتزامن هذه المراحل مع جداول مفصلة للإصلاحات اللازمة في القوات النظامية وتنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام ،بإشراف من”اللجنة الوطنية لمتابعة عملية الإصلاح والدمج والتحديث “و التي تتكون من ممثلين للقوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري و ممثلين للقوات النظامية بهدف توفير البيئة السياسية الملائمة لسير عمليات الإصلاح والدمج والتحديث ومعالجة العقبات التي تعترضها!
وفق ما ورد في مسودة ما عرف بالإصلاح الأمني والعسكري.
الا تعلم هذه القوى المدنية التي صممت هذه الرؤية شديدة الخطورة على الأمن القومي إن أبجديات عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج قائمة على أسس أهمها تحقيق التوافق بين التمثيل والكفاءة والمهنية في قطاع الأمن وعلى عدم السماح بوجود فجوات تعليمية، خاصة في مجال التعليم العسكري المهني Professional MilitaryEducation، على مستوى ضباط الصف والضباط، تحديدا الرتب الرفيعة ( عميد فما فوق )، لذلك فأن الإجراء المتبع عالميا يحتم تصنيف الفئات المستهدفة بالدمج ليتم أولا إحالة أصحاب الرتب الرفيعة منهم للمعاش مع تمتعهم بكافة الحقوق المكفولة لرصفائهم في القوات المسلحة الشرعية!!؟
الا تعلم هذه الأحزاب ومن ضمنها حزب الأمة الذي يرأسه وزير دولة سابق لوزارة الدفاع وضابط رفيع متقاعد!!! خطورة وجود أفراد في هيئة القيادة، دون تلقي إي قدر من التعليم العسكري المهني، الذي يهدف بالأساس إلى وجود ضباط في هيئة القيادة يشتركون في إمتلاك ذات القيم الأخلاقية ذات الصلة الوثيقة بالسياق الوطني و الرؤية الإستراتيجية التي ترتكز على الأولويات الأساسية للمجتمع وقيمه بما يحقق الأمن، وفق أسس سيادة حكم القانون، كأساس ضروري لتعزيز الديمقراطية والتنمية الإقتصادية. كما أن الإحترافية العسكرية التي تؤسس على ضباط أكفاء مهنيا هي عامل إستقرار لا غنى عنه!!!؟
أما تمرير أن يتم دمج قوة نظامية شبة عسكرية في مدة تقترب من10 سنوات فلا يمكن أن يوصف غير أنه تواطؤ منحاز للمصالح
الضيقة بعيدا عن الشعارات البراقة!!
تعتبر صورة ( الكراسي الفارغة) التي رمزت لمغادرة قادة القوات المسلحة السودانية لورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي نظمت في مارس الماضي كمنصة فعلية لإرساء دعائم الإستبداد في السودان، في تقديري، من أهم الصور في تاريخنا الحديث.
أسماء ميرغني